القيم في ضوء سورة الكهف  ( 2-5)

 

ما ورد في السنة الصحيحة عن قصة موسى عليه السلام مع العبد الصالح:

جاء في صحيح البخاري عن سعيد بن جبير، قال: قلت لابن عباس: إن نَوْفاً البكالي(1) يزعم أن موسى صاحب الخضر عليه السلام ليس هو موسى صاحب بني إسرائيل، قال ابن عباس: كذب عدو الله(2)حدثنا أبي بن كعب رضي الله عنه أنه سمع رسول الله صلى لله عليه وسلم يقول: ( قام موسى خطيباً في بني إسرائيل فقيل له أي الناس أعلم ؟ قال أنا فعتب الله عليه إذ لم يرد العلم إليه وأوحى إليه بلى عبد من عبادي بمجمع البحرين هو أعلم منك . قال: أي رب كيف السبيل إليه ؟ قال تأخذ حوتاً في مكتل فحيثما فقدت الحوت فاتبعه قال فخرج موسى ومعه فتاه يوشع بن نون ومعهما الحوت حتى انتهيا إلى الصخرة فنزلا عندها قال فوضع موسى رأسه فنام . قال سفيان وفي حديث غير عمرو قال وفي أصل الصخرة عين يقال لها الحياة لا يصيب من مائها شيء إلا حيي فأصاب الحوت من ماء تلك العين قال فتحرك وانسل من المكتل فدخل البحر فلما استيقظ موسى قال لفتاه { آتِنَا غَدَاءنَا } . الآية قال ولم يجد النصب حتى جاوز ما أمر به قال له فتاه يوشع بن نون { أَرَأَيْتَ إِذْ أَوَيْنَا إِلَى الصَّخْرَةِ فَإِنِّي نَسِيتُ الْحُوتَ } . الآية قال فرجعا يقصان في آثارهما فوجدا في البحر كالطاق ممر الحوت فكان لفتاه عجبا وللحوت سربا قال فلما انتهيا إلى الصخرة إذ هما برجل مسجى بثوب فسلم عليه موسى قال وأنى بأرضك السلام فقال أنا موسى قال موسى بني إسرائيل ؟ قال نعم قال هل أتبعك على أن تعلمني مما علمت رشدا . قال له الخضر يا موسى إنك على علم من علم الله علمكه الله لا أعلمه وأنا على علم من علم الله علمنيه الله لا تعلمه . قال بل أتبعك ؟ قال فإن اتبعتني فلا تسألني عن شيء حتى أحدث لك منه ذكرا . فانطلقا يمشيان على الساحل فمرت بهما سفينة فعرف الخضر فحملوهم في سفينتهم بغير نول يقول بغير أجر فركبا السفينة . قال ووقع عصفور على حرف السفينة فغمس منقاره في البحر فقال الخضر لموسى ما علمك وعلمي وعلم الخلائق في علم الله إلا مقدار ما غمس هذا العصفور منقاره قال فلم يفجأ موسى إذ عمد الخضر إلى قدوم فخرق السفينة فقال له موسى قوم حملونا بغير نول عمدت إلى سفينتهم فخرقتها لتغرق أهلها { لَّقَدْ جِئْتَ } الآية فانطلقا إذا هما بغلام يلعب مع الغلمان فأخذ الخضر برأسه فقطعه قال له موسى أقتلت نفسا زكية بغير نفس لقد جئت شيئا نكرا قال ألم أقل لك إنك لن تستطيع معي صبرا - إلى قوله - فأبوا أن يضيفوهما فوجدا فيها جدارا يريد أن ينقض فقال بيده هكذا فأقامه فقال له موسى إنا دخلنا هذه القرية فلم يضيفونا ولم يطعمونا لو شئت لا تخذت عليه أجر قال هذا فراق بيني وبينك سأنبئك بتأويل ما لم تستطع عليه صبرا . فقال رسول الله صلى الله عليه و سلم وددنا أن موسى صبر حتى يقص علينا من أمرهما ) . قال وكان ابن عباس يقرأ وكان أمامهم ملك يأخذ كل سفينة صالحة غصبا وأما الغلام فكان كافراً) (3).

من خلال العرض القرآني للقصة يمكن تقسيم القصة إلى أربع فقرات:

1- الانطلاق والبحث عن العبد الصالح.

2-اللقاء والحوار.

3- الصحبة الكريمة والأحداث العجيبة.

4-الفراق بعد تأويل التصرفات الغريبة.


(1) هو أحد القصاص بالكوفة وهو ابن امرأة كعب الأحبار، كان يهودياً من اليمن أسلم على عهد عمر بن الخطاب t ، وكان يروي عن كعب الإسرائيليات.

(2) قال ابن حجر في شرحه لعبارة ابن عباس (كذب عدو الله) محمول على إرادة المبالغة في الزجر والتنفير عن تصديق تلك المقالة. انظر فتح الباري 8/413.

ولم يكن نوف كذاباً في الحقيقة ولا كان عدواً لله ؛ لأنه كان مسلماً لكنه أخطأ في منهج تعامله مع القرآن حيث فسّره بكلام وأخبار السابقين ولم يلتزم المنهج العلمي في تفسير القرآن وفهم دلالته ولذلك زجره ابن عباس.

(3) صحيح البخاري ك التفسير باب سورة الكهف ح4450-4/1757، ومسلم باب من فضائل الخضر عليه السلام ح6313-7/103.

 

 



بحث عن بحث