الجامع الصحيح للإمام البخاري(8-20)

 

منهج البخاري في تراجم كتابه:

لقد قصد الإمام البخاري في صحيحه إلى أمرين أساسيين :

الأول : صحة الأحاديث المخرجة .

الثاني : استنباط الفوائد الفقهية والنكت الحكمية .

وقد  استخرج بفهمه الثاقب من المتون معاني كثيرة فرقها في أبوابه بحسب المناسبة واعتنى فيها بآيات الأحكام وسلك في الإشارات إلى تفسيرها السبل الوسيعة .

أولاً : طريقته في صياغة الترجمة :

1- أن تكون الترجمة دالة بالمطابقة لما يورده ، وقد تكون بلفظ المترجم له أو ببعضه أو بمعناه .

2- وكثيرا ما يترجم بلفظ الاستفهام وبأمر ظاهر وبأمر يختص  ببعض الوقائع

3-وكثيراً ما يترجم بلفظ يومئ إلى معنى حديث لم يصح على شرطه ،

4-أو يأتي بلفظ الحديث الذي لم يصح على شرطه صريحا في الترجمة ويورد في الباب ما يؤدي معناه بأمر ظاهر تارة وتارة بأمر خفي ، فكأنه يقول : لم يصح في الباب شيء على شرطي ، ومنها قوله : ( باب اثنان فما فوقهما جماعة ) وهذا حديث يروي عن أبي موسى الأشعري ، وليس على شرط البخاري ، وأورد فيه ( فأذن وأقيما وليؤمكما أحدكما )

5-وربما اكتفى أحيانا بلفظ الترجمة التي هي لفظ حديث لم يصح على شرطه وأورد معها أثراً أو آية ، فكأنه يقول : لم يصح في الباب شيء على شرطي .

وللغفلة عن هذه المقاصد الدقيقة اعتقد من لم يمعن النظر أنه ترك الكتاب بلا تبييض .

ولابن  المنير  كتاب ذكر فيه أربعمائة ترجمة وتكلم عليها ، ولخصها القاضي بدر الدين ابن جماعة وزاد عليها أشياء، ولبعض العلماء كتاب سماه ( فك أغراض البخاري المبهمة في الجمع بين الحديث والترجمة ).

ولأبي عبد الله بن رشيد كتاب في مجلد اسمه ( ترجمان التراجم  ) وصل فيه إلى كتاب الصيام ، و ذكر ابن حجر  أنه لو تم لكان في غاية الإفادة وإنه لكثير الفائدة مع نقصه (1)  .

ثانياً : منهجه في سياق الأحاديث في التراجم :

1-يقع في كثير من أبوابه الأحاديث الكثيرة  .

2-وفي بعضها ليس فيه  إلا حديث واحد ، أو بعض الآثار .

3-وفي بعضها ليس فيه  إلا آية من كتاب الله .

4-وبعضها لا شيء فيه البتة ، ومن هنا وقع من بعض من نسخ الكتاب ضم باب لم يذكر فيه حديث إلى حديث لم يذكر فيه باب فأشكل فهمه على الناظر فيه .

قال ابن حجر : وهذه قاعدة حسنة يفزع إليها حيث يتعسر وجه الجمع بين الترجمة والحديث وهي مواضع قليلة جداً .


 (1)  ــ انظر :هدي الساري ( 1 / 22 ــ 25 ).ط / دار طيبة.

 



بحث عن بحث