من وسائل الصحابة في خدمة السنة

 

خامساً : مدارسة الحديث :

كان الصحابة بعد سماعهم للأحاديث وتثبتهم منها يتدارسونها فيما بينهم ليطبقوا ما فيها من أحكام وليزدادوا تثبتاً من حفظها .

ففي الصحيحين من حديث أبى هريرة رضي الله عنه قال : لما توفى رسول الله صلى الله عليه وسلم واستخلف أبو بكر بعده، وكفر من كفر من العرب، قال عمر بن الخطاب لأبي بكر : كيف تقاتل الناس وقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " أمرت أن أقاتل الناس حتى يقولوا لا إله إلا الله فمن قال لا إله إلا الله فقد عصم منى ماله ونفسه إلا بحقه وحسابه على الله " فقال أبو بكر : والله لأقاتلن من فرق بين الصلاة والزكاة فإن الزكاة حق المال، والله لو منعوني عقالاً كانوا يؤدونه إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم لقاتلتهم على منعه، فقال عمر بن الخطاب فوالله ما هو إلا أن رأيت الله عز وجل قد شرح صدر أبي بكر للقتال فعرفت أنه الحق " (1).

 

فهنا نجد محاورة بين الصديق والفاروق، رضي الله عنهما، في فهم الحديث، وفقهه، فأبو بكر يتجه إلى قتالهم أخذا من قوله صلى الله عليه وسلم " إلا بحقه " ومن حقه أداء حق المال الواجب، وعمر ظن أن مجرد الإتيان بالشهادتين يعصم الدم في الدنيا تمسكا بعموم أول الحديث، وليس الأمر على ذلك، ثم إن عمر رجع إلى موافقة الإمام أبي بكر رضي الله عنه " (2).

 

وفي السنة أمثلة عديدة تكشف عن هذا الجانب من فقه الصحابة رضوان الله عليهم للسنة، واستنباطهم لأحكامها، وتطبيقهم لها، وفيما ذكرناه غنية وكفاية .

وهكذا اتضح لنا من خلال العرض السابق الجهود الضخمة التي بذلها صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم في خدمة السنة النبوية المطهرة، فرضي الله عنهم وأرضاهم وجزاهم عن الإسلام وخدمة السنة خيرا .

 


(1) - أخرجه البخاري، كتاب الزكاة، باب وجوب الزكاة 3/308، ومسلم، كتاب الإيمان، باب الأمر بقتال الناس حتى يقولوا لا إله إلا الله 1/29.

(2) - جامع العلوم والحكم ص 81 ط : دار المعرفة .

 

 

 



بحث عن بحث