أطوار تاريخ السنة

 

عاشت السنة النبوية منذ صدرت عن صاحب الرسالة صلى الله عليه وسلم إلى أن وصلت إلينا – نحن المتأخرين – عدة عصور مختلفة، وهاك تأريخاً دقيقا لكل عصر من هذه العصور المختلفة وذلك على النحو التالي:

السنة في عصر النبوة:

لقيت السنة النبوية في عصر النبوة عناية تامة،واهتماما كبيرا،بحيث أثمر ذلك أموراً ثلاثة:

الأول: الصيانة والحفظ: على معنى أن السنة جمعت في عهده صلى الله عليه وسلم وحوفظ عليها، بحيث لم يضع منها شيء أبدا.

الثاني: الذيوع والانتشار: على معنى أنها لم تنحصر في مكان بعينه كالمدينة أو مكة مثلا،وإنما انتشرت في سائر أنحاء شبه الجزيرة العربية بل تعدت شبه الجزيرة العربية إلى سائر الأقطار الأخرى المجاورة.

الثالث: تأسيس المنهج العلمي للرواية.

وقد كانت هناك عوامل ساعدت على تحقيق هذه الأمور،وهذا ما سنتناوله بشيء من التحليل والتفصيل.

أولا:عوامل صيانة السنة وحفظها:

إن عوامل صيانة السنة وحفظها هي بعينها تلك العوامل اللازمة لنجاح أية تجربة علمية، فنجاح أية تجربة علمية يحتاج – كما يقرر التربويون،وعلماء النفس –فضلا عن الإمكانيات المادية: إلى ثمانية عوامل، أربعة منها في المعلم وهي:

1-    أن يكون على درجة عالية من الأخلاق بحيث يقترب الطلاب منه فيتمكن من غرس الفضيلة في نفوسهم بفعله وسلوكه قبل أن يغرسها فيهم بقوله وكلامه.

2-    وأن يكون متمكنا من مادته العلمية، بحيث يستطيع أن يعطي الطلاب التصور الصحيح لها، وإلا ففاقد الشيء لا يعطيه.

3-    وأن يكون محبا لمادته العلمية، مخلصا لها،بحيث يضحي- في سبيلها –بوقته وراحته.

4-    وأن يكون ذا منهج صحيح في التربية والتعليم، كيلا يضيع الوقت سدى.

وواحدة منها في المادة العلمية، وهي:

5-     أن تكون مثمرة، ومفيدة، ومهمة في حياة الفرد والجماعة.

وثلاثة منها في الطالب، وهي:

6-     أن يدرك أهمية، وفائدة، وثمرة ما يتعلمه،ليقبل عليه بهمة ونشاط.

7-    وأن تكون هناك مشاركة عامة من جميع أبناء المجتمع – رجالا، ونساء، صغاراً وكباراً – في طلب العلم.

8-    وأن يكون هذا الطالب صاحب منهج صحيح في التلقي، والسماع، ليعي، ويحفظ كل ما يصل إلى سمعه.

هذه العوامل بعينها توافرت للسنة في عصر النبوة،وبالتالي ساعدت على حفظها وصيانتها.(1)


 

(1)    شفاء الصدور في تاريخ السنة ومناهج المحدثين ص 159-161.



بحث عن بحث