الإمام  مسلم  و كتابه  الصحيح(7)

 

منهج الإمام مسلم المتعلق بالمتون:

أولا: منهجه في تراجم الأبواب ومسالكها:

قسَّم الإمام مسلم صحيحه إلى أربعة وخمسين كتابا، وقسّم كل كتاب منها إلى عدد من الأبواب، لكنه لم يجعل لهذه الأبواب عناوين تدل عليها، بيد أنه رتّبها ترتيبا محكما سهّل على من جاء بعده وضع عناوين لها، وقد علّق الإمام النووي على ذلك فقال: "وقد ترجم جماعةٌ أبوابَه بتراجم بعضُها جيِّدٌ وبعضُها ليس بجيِّد، إمَّا لقصور في عبارة الترجمة، وإمَّا لركاكةِ لفظها، وإمَّا لغير ذلك، وأنا إن شاء الله أحرصُ على التعبير عنها بعبارات تليقُ بها في مواطنها".

وقد وفَّى الإمام النووي بما وعد به، فوضع لأبواب صحيح مسلم تراجم تليق به، وكانت كلها من التراجم الظاهرة، وقد غلب على بعض التراجم الطول، بسبب محاولته جَعل العنوان شاملا لكل المعاني المندرجة في أحاديث الباب.

ثانيا: منهجه في ذكر الفوائد والتعليق على بعض الروايات:

لم يوجِّه الإمام مسلم عنايته إلى ذكر الفوائد ونحوها، بل اقتصر على ذكر الأحاديث دون التعرض لغريبها أو مختلفها، وأما الناسخ والمنسوخ فإنه كان يكتفي بتقديم المنسوخ وتأخير الناسخ، دون أن يصرِّح بالنسخ تصريحا.

ثالثا: منهجه في العناية بالألفاظ:

كان الإمام مسلم يتحرّى الدقة الشديدة في مروياته، فكان يذكرها كما رواها وسمعها، ولم يكن يقطِّع الأحاديث، ولم يكن يتصرَّف في الألفاظ، إضافة إلى ذلك فإنه كان يفتِّش عن أسماء من لم يسمُّوا في الأحاديث، ويهتمُّ بإيراد أسمائهم، ومثال ذلك ما أورده في صحيحه عَنْ عَائِشَةَ رضي الله عنها قَالَتْ: دَخَلَ عَلَيَّ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَعِنْدِي امْرَأَةٌ، فَقَالَ:(مَن هَذِهِ) . فَقُلْتُ امْرَأَةٌ لاَ تَنَامُ تُصَلِّي. قَالَ:«عَلَيْكُمْ مِنَ الْعَمَلِ مَا تُطِيقُونَ فَوَاللَّهِ لاَ يَمَلُّ اللَّهُ حَتَّى تَمَلُّوا». وَكَانَ أَحَبَّ الدِّينِ إِلَيْهِ مَا دَاوَمَ عَلَيْهِ صَاحِبُهُ، وَفِى حَدِيثِ أَبِى أُسَامَةَ: أَنَّهَا امْرَأَةٌ مِنْ بَني أَسَدٍ، ثم ذكر في رواية بعدها أنها: الْحَوْلاَءَ بِنْتَ تُوَيْتِ بْنِ حَبِيبِ بْنِ أَسَدِ بْنِ عَبْدِ الْعُزَّى، وهذا يدل على عنايته الشديدة بمثل تلك الأمور، بينما لم يكن الإمام البخاري يولِي عناية كبيرة بمثل ذلك.

 

 



بحث عن بحث