1- الجامع الكبير أو جمع الجوامع:

مؤلفه:

      الحافظ جلال الدين أبو الفضل عبد الرحمن بن أبي بكر بن محمد بن سابق الدين الأسيوطي الشافعي، حافظ حجة حفظ من الأحاديث ما يزيد على مائتي ألف حديث. وقال عن نفسه لو وجدت أكثر من ذلك لحفظت، وهو صاحب المؤلفات النافعة التي زادت عن خمسمائة مؤلف، منها:كتاب تدريب الراوي شرح تقريب النواوي، طبقات الحفاظ، اللآلي المصنوعة في الأحاديث الموضوعة، تنوير الحوالك بشرح موطأ الإمام مالك، وغير ذلك كثير.

    ولد بعد المغرب ليلة الأحد مستهل رجب سنة تسع وأربعين وثمان مائة (849) هـ، وتوفى ليلة الجمعة تاسع عشر من شهر جمادى الأولى سنة إحدى عشرة وتسعمائة هـ - رحمه الله رحمة واسعة-، وأجزل له المثوبة(1).

- منهج الإمام السيوطي في كتابه:

    ألف السيوطي كتابه الجامع أو جمع الجوامع من مصادر السنة المشرفة التي تزيد على مائة مصدر، جمع فيه ما تيسر له من الأحاديث النبوية الشريفة التي قاربت مائة ألف حديث، وذلك باعتبار رواتها، أي باعتبار الرواة الذين اشتركوا في نقل الحديث عن النبي - صلى الله عليه وسلم-؛ وذلك لأن أحاديث الكتاب لا تتجاوز ستا وأربعين ألف حديث إلا قليلا(2).

وقد قسم السيوطي كتابه إلى قسمين:

أولها: الأحاديث القولية وهي التي تبدأ بلفظ النبي - صلى الله عليه وسلم- مباشرة كأن يقال مثلا: "بني الإسلام على خمس" وهكذا، فاللفظ هنا خاص بالنبي - صلى الله عليه وسلم- مباشرة.

ثانيها: الأحاديث الفعلية وهي على عكس السابقة أي لم تتمحض للفظ النبوي، بأن تكون مثلاً:

1-  أحاديث فعلية محضة كأن يروي الصحابي فعلا فعله الرسول - صلى الله عليه وسلم-، وذلك كحديث أوس بن أبي أوس قال: رأيت أبي يمسح على النعلين فقلت أتمسح عليها؟ فقال رأيت النبي - صلى الله عليه وسلم- يفعله(3).

2-  أحاديث مشتملة على قول وفعل، وذلك كحديث:أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم- أتى بشارب وهو بخيبر، فحثي في وجهه التراب، ثم أمر أصحابه فضربوه بنعالهم وبما كان في أيدهم حتى قال لهم: (ارفعوه، فرفعوا... الخ) (4).

    فنجد أن الحديث اشتمل على فعل وهو (فحثي في وجهه التراب)، وقول وهو قوله (ارفعوه).

3-  أحاديث اشتملت على سبب، مثال ذلك ما روي عن عمر ابن الخطاب - رضي الله عنه- قال: رآني رسول الله - صلى الله عليه وسلم- وأنا أبول قائمًا فقال: (يا عمر لا تبل قائما)(5).

4-  أحاديث اشتملت على مراجعة، وذلك كحديث عبد الله بن مسعود - رضي الله عنه- أن رجلاً سأل رسول الله - صلى الله عليه وسلم- أي الذنب عند الله أكبر؟ قال: أن تجعل لله ندًا وهو خلقك، قلت: ثم أي؟ قال: ثم أن تقتل ولدك خشية أن يطعم معك، قلت: ثم أي ؟ قال: أن تزاني حليلة جارك، قال: ونزلت هذه الآية تصديقا لقول رسول الله - صلى الله عليه وسلم-: (وَالَّذِينَ لا يَدْعُونَ مَعَ اللَّهِ إِلَهاً آخَرَ وَلا يَقْتُلُونَ النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلَّا بِالْحَقِّ وَلا يَزْنُونَ)(6).

    وهنا نجد أن السائل راجع النبي - صلى الله عليه وسلم- أكثر من مرة لفهم أكبر الذنوب وأعظمها خطراً، وأشدها إثما عند الله - سبحانه وتعالى-.


 


(1)      راجع الأعلام لخير الدين الرزكلي 3/ 301، 302، معجم المؤلفين لعمر رضا كحالة 5 ص 128، حسن المحاضرة في أخبار مصر والقاهرة 1 / 188، شذرات 8/51، الضوء اللامع 4/65، الكواكب، السائر 15/226.

(2)      كشف اللثام 2/210.

(3)      أخرجه الطبراني في المعجم الكبير 1/22.

(4)      أخرجه الطبراني في معجمه الكبير 1/335 من حديث أزهر أبي عبد الرحمن الزهري.

(5)       أخرجه عبد الرزاق ج 8 ص67، ابن ماجه، كتاب الطهارة باب في البول قاعدًا 1/12، والحاكم كتاب الطهارة 1/185.

(6)       أخرجه البخاري في كتاب التفسير، باب قوله تعالى (والذين لا يدعون مع الله إلها آخر ولا يقتلون النفس التي حرم الله إلا بالحق ولا يزنون ومن يفعل ذلك يلق أثاما). 8/350، 351.

 



بحث عن بحث