هدي الرسول في أخلاقه وسلوكه وتعامله (1-2)

إن من نعم الله علينا وآلائه الجسيمة، وإن من لذة العيش وحلاوة الطعم في هذه الحياة، أن نحيا في ظلال سيرة هذا الرسول العظيم ﷺ القولية والعملية، نحيا سلوكه وتصرفاته، ونتمثلها أمام أعيننا نظريًّا، ونطبقها في واقع حياتنا عمليًّا، سواء ما يتعلق بأخلاقه وسلوكه وتعامله، علنا أن ننهل من مورده ونقتفي أثره.

لقد جمع رسول الله ﷺ من الصفات الحسنة أفضلها، ومن الأخلاق الكريمة أزكاها، ومن السمات الفاضلة أعلاها، ولا أعظم من وصف الله سبحانه وتعالى له بها في وصف جامع كريم، حيث قال سبحانه وتعالى: {وَإِنَّكَ لَعَلَىٰ خُلُقٍ عَظِيمٍ}(1).

ولقد بين الله عز وجل صورة من صور هذا الخلق العظيم بقوله سبحانه: {فَبِمَا رَحْمَةٍ مِّنَ اللَّهِ لِنتَ لَهُمْ ۖ وَلَوْ كُنتَ فَظًّا غَلِيظَ الْقَلْبِ لَانفَضُّوا مِنْ حَوْلِكَ ۖ فَاعْفُ عَنْهُمْ وَاسْتَغْفِرْ لَهُمْ وَشَاوِرْهُمْ فِي الْأَمْرِ ۖ فَإِذَا عَزَمْتَ فَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ ۚ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُتَوَكِّلِينَ}(2).

وبقوله: {لَقَدْ جَاءَكُمْ رَسُولٌ مِّنْ أَنفُسِكُمْ عَزِيزٌ عَلَيْهِ مَا عَنِتُّمْ حَرِيصٌ عَلَيْكُم بِالْمُؤْمِنِينَ رَءُوفٌ رَّحِيمٌ}(3).

وروى البخاري وغيره عن عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما أنه سئل عن صفة رسول الله ﷺ في التوراة، فقال: أجل، والله إنه لموصوف في التوراة ببعض صفته في القرآن: «يا أيها النبي إنا أرسلناك شاهدًا ومبشرًا ونذيرًا وحرزًا للأميين، أنت عبدي ورسولي، سميتك المتوكل، ليس بفظ ولا غليظ ولا سخاب في الأسواق، ولا يدفع السيئة بالسيئة، ولكن يعفو ويغفر، ولن يقبضه الله حتى يقيم به الملة العوجاء، بأن يقولوا: لا إله إلا الله، ويفتح بها أعينًا عميًا وآذانًا صمًّا وقلوبًا غلفًا«(4).

لقد حقق ﷺ هذه الأخلاق الكريمة تحقيقًا عمليًا في حياته، فهاهو أنس ابن مالك رضي الله عنه يقول: خدمت النبي ﷺ عشر سنين فما قال لي: أف قط. وما قال لي لشيء صنعته: لم صنعته؟ ولا لشيء تركته: لم تركته؟(5)، وكان رسول الله ﷺ من أحسن الناس خلقًا(6)، ولا مسست خزًا قط ولا حريرًا ولا شيئًا كان ألين من كف رسول الله ﷺ ولا شممت مسكًا قط ولا عطرًا كان أطيب من عرق النبي ﷺ(7).

وعند البخاري :: «ما مسست حريرًا ولا ديباجًا ألين من كف النبي ﷺ، ولا شممت ريحًا قط ولا عرقًا أطيب من ريح النبي ﷺ«(8).

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(1) [القلم: 4]

(2) [آل عمران: 159]

(3) [التوبة: 128]

(4) أخرجه البخاري (2125) .

(5) أخرجه البخاري (6038)، ومسلم (2309) .

(6) أخرجه البخاري (3549)، ومسلم (2337) .

(7) أخرجه البخاري (3561)، ومسلم (2330) .

(8) أخرجه البخاري (3561)، ومسلم (2330) .



بحث عن بحث