هدي الرسول  في قيام الليل (2-4)

إن لقيام الليل فضلًا عظيمًا وثوابًا جزيلًا، جاء بيان ذلك في كثير من الآيات القرآنية والأحاديث النبوية، قال تعالى في مدح أهل قيام الليل وما أعد لهم من النعيم المقيم: {تَتَجَافَىٰ جُنُوبُهُمْ عَنِ الْمَضَاجِعِ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ خَوْفًا وَطَمَعًا وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنفِقُونَ}(1).

وقال تعالى في وصفهم: {كَانُوا قَلِيلًا مِّنَ اللَّيْلِ مَا يَهْجَعُونَ . وَبِالْأَسْحَارِ هُمْ يَسْتَغْفِرُونَ}(2).

وقال سبحانه: {وَالَّذِينَ يَبِيتُونَ لِرَبِّهِمْ سُجَّدًا وَقِيَامًا . وَالَّذِينَ يَقُولُونَ رَبَّنَا اصْرِفْ عَنَّا عَذَابَ جَهَنَّمَ ۖ إِنَّ عَذَابَهَا كَانَ غَرَامًا}(3).

وفي الأمر بقيام الليل يقول سبحانه: {يَا أَيُّهَا الْمُزَّمِّلُ . قُمِ اللَّيْلَ إِلَّا قَلِيلًا . نِّصْفَهُ أَوِ انقُصْ مِنْهُ قَلِيلًا . أَوْ زِدْ عَلَيْهِ وَرَتِّلِ الْقُرْآنَ تَرْتِيلًا}(4).

ويقول سبحانه: {وَمِنَ اللَّيْلِ فَتَهَجَّدْ بِهِ نَافِلَةً لَّكَ عَسَىٰ أَن يَبْعَثَكَ رَبُّكَ مَقَامًا مَّحْمُودًا}(5).

وفي الثناء عليهم يقول سبحانه: {أَمَّنْ هُوَ قَانِتٌ آنَاءَ اللَّيْلِ سَاجِدًا وَقَائِمًا يَحْذَرُ الْآخِرَةَ وَيَرْجُو رَحْمَةَ رَبِّهِ ۗ قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَالَّذِينَ لَا يَعْلَمُونَ ۗ إِنَّمَا يَتَذَكَّرُ أُولُو الْأَلْبَابِ}(6).

وقال تعالى: {وَمِنَ اللَّيْلِ فَاسْجُدْ لَهُ وَسَبِّحْهُ لَيْلًا طَوِيلًا}(7).

وروى مسلم عن أبي هريرة رضي الله عنه أنه قال: قال رسول الله ﷺ: «أفضل الصيام بعد رمضان شهر الله المحرم، وأفضل الصلاة بعد الفريضة صلاة الليل»(8).

وروى الشيخان وغيرهما عن علي بن أبي طالب رضي الله عنه أن رسول الله ﷺ طرقه وفاطمة بنت رسول الله ليلة، فقال: «ألا تصليان»(9).

وأخرج البخاري عن أم سلمة رضي الله عنها أن النبي ﷺ استيقظ ليلة، فقال: «سبحان الله! ما أنزل الليلة من الفتن؟ ماذا أنزل من الخزائن؟ من يوقظ صواحب الحجرات؟ يا ربَّ كاسية في الدنيا عارية في الآخرة»(10).

وروى أحمد وغيره عن عبد الله بن سلام رضي الله عنه قال: أول ما قدم الرسول ﷺ المدينة انجفل الناس إليه، فكنت فيمن جاءه، فلما تأملت وجهه عرفت أن وجهه ليس بوجه كذاب، وقال: فكان أول ما سمعت من كلامه، إلى أن قال: «أيها الناس! أفشوا السلام، وأطعموا الطعام، وصلوا بالليل والناس نيام تدخلوا الجنة بسلام»(11).

وروى الطبراني والحاكم عن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما عن النبي ﷺ قال: «إن في الجنة غرفة يرى ظاهرها من باطنها وباطنها من ظاهرها»، فقال أبو مالك الأشعري: لمن هي يا رسول الله؟ قال: «لمن أطاب الكلام وأطعم الطعام وصلى بالليل والناس نيام»(12).

وروى الشيخان عن عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنه أن رسول الله ﷺ قال: «أحب الصلاة إلى الله صلاة داود، وأحب الصيام إلى الله صيام داود؛ كان ينام نصف الليل ويقوم ثلثه وينام سدسه، ويصوم يومًا ويفطر يومًا»(13).

وروى مسلم عن جابر  رضي الله عنه قال: سمعت رسول الله ﷺ يقول: «إن في الليل ساعة لا يوافقها رجل مسلم يسأل الله خيرًا من أمر الدنيا والآخرة إلا أعطاه إياه، وذلك في كل ليلة»(14).

وروى مسلم عنه ﷺ أنه قال: «إذا مضى شطر الليل أو ثلثاه ينزل الله إلى السماء الدنيا فيقول: هل من سائلٍ فيعطى؟ هل من داعٍ فيستجاب له؟ هل من مستغفر فيغفر له؟ حتى ينفجر الصبح»(15).

هذا فضل قيام الليل وثمراته، فأين المتسابقون المتنافسون؟

أسأل الله عز وجل أن يجعلنا جميعًا من أهل قيام الليل، إنه سميع مجيب.

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(1) [السجدة: 16 – 17]

(2) [الذاريات: 17 – 18]

(3) [الفرقان: 64 – 65]

(4) [المزمل: 1 – 4]

(5) [الإسراء: 79]

(6) [الزمر: 9]

(7) [الإنسان: 26]

(8) أخرجه مسلم (1163)، والترمذي (438).

(9) أخرجه البخاري (1127)، ومسلم (775).

(10) أخرجه البخاري (1126).

(11) أخرجه الترمذي (2485)، وقال: هذا حديث صحيح.

(12) أخرجه الترمذي (1984، 2527)، وقال في الموضعين: هذا حديث غريب.

(13) أخرجه البخاري (1131)، ومسلم (1159).

(14) أخرجه مسلم (757).

(15) أخرجه مسلم (758/170).



بحث عن بحث