رسالة إلى التاجر والمدرس (2-2)

الوقفة الثانية:

ونقف فيها مع صنف جنّد نفسه لخدمة غيره، يباشر هذه الخدمة صباحًا ويتعب لها مساءً، يعيش بين طلابه وتلاميذه، وبين كتبه ودفاتره، يحضّر معلوماته ويرتبها، يفرح إذا نجح طلّابه، ويحزن إذا أخفقوا.

أولئك هم الجنود المجهولون لدى كثير من الناس، يوجهون أبناءنا ويربونهم، ويباشرون تعليمهم، حيث سلمناهم الأمانة لرعاية هؤلاء الأولاد، فلعلنا نتذاكر مع هؤلاء الجنود (المدرسين) بعض شؤونهم:

أخي الـمربِّي:

لقد اختارك الله سبحانه وتعالى لتقوم بمهمة محمد ﷺ، تربي الناس وترشدهم إلى الخير، ورثت ميراثه لتقوم بوظيفته ﷺ، فهل استشعرت حال قيامك بهذه المهنة الجليلة: النية الصالحة الخالصة، وعرفت أن قدوتك في هذه المهنة هو أفضل الأنبياء والبشر عليه الصلاة والسلام، وسخرت جميع أعمالك ورسالتك، وبذلت جميع إمكاناتك العلمية والعملية والتربوية والإدارية لتنجح في عملك؟ وهل وضعت ضمن قواعد عملك ثِقَل هذه الأمانة وعظم الرسالة وأنها أعظم أمانة، كيف لا وهي تربية الرجال ليتخرجوا نافعين لأَنفسهم ومجتمعهم ووطنهم وأمتهم؟

وهل نظرت في طريقتك، وأسلوب تعليمك، وتعاملك مع طلابك، واجتهدت في ذلك؟ وغني عن القول أن تُذَكَّر بأنك قدوة لطلابك في مظهرك ومخبرك، فطلابك يرونك مرآة لهم، والحسنة التي تقولها وتعلمها لك أجرها وأجر من عمل بها إلى يوم القيامة، فهنيئًا لك أخي المربي تلك الوظيفة الجليلة إذا ما رعيت حقوقها ووعيت قيمة هذه الرسالة، وستكون حينئذٍ حركاتك وسكناتك، وأقوالك، وأعمالك، وسلوكك وتصرفاتك، حسنات وأجورًا مضاعفة عند الله سبحانه وتعالى، سوى ما تناله في هذه الدنيا.

ورمضان المبارك بما يحمل للأُمة المسلمة من خير عظيم، يذكرك بمراجعة نفسك لتجدد العزم، وتعيد النظر في وضعك، وتصحح النية، فلعلك تنال مبتغاك في الدنيا والآخرة، وما يُقال عن المعلم المربي يُقال عن المعلمة المربية.

واعلم – أخي المسلم – أن المعلم لا يستطيع أن يقوم بمهنته بمعزل عن مساعدة الأسرة وتعاونها، فلكي تتخرج الأجيال الصالحة: مُدُّوا أيديكم وجهودكم لمساعدة المعلم، عن طريق زيارته بالمدرسة والكتابة له، والمشاورة معه في الأساليب الناجحة، وفقنا الله وإياكم إلى كل خير ورزقنا الإِخلاص في الأَقوال والأَعمال، وجنبنا الزيغ والانحراف، ومتعنا بالصحة والعافية والمعافاة الدائمة، إنه سميع مجيب وهو المستعان.



بحث عن بحث