جمع صلاتي الظهر و العصر في عرفة.

 

 

و فيه مطلبان:

المطلب الأول: حكم الجمع بين صلاتي الظهر و العصر في عرفة.

 

اتفق العلماء على أن حكم جمع صلاتي الظهر و العصر جمع تقديم في الجملة سنة، لما ثبت عن النبي صلى الله عليه و سلم و عن الصحابة بعده فعله، ذلك أن اجتماع الناس على العبادة له شأن كبير في الشريعة، فلو لم يشرع الجمع في هذا اليوم ، و تفرق الناس بعد صلاة الظهر، ما اجتمع هذا الجمع الكبير([1]). ثم اختلفوا في حكم جمعهما مع الإمام أو للمنفرد، و بيان ذلك في مسألتين:

 

 

المسألة الأولى: حكم جمع الصلاتين في عرفة مع الإمام.

 

اتفق أهل العلم - رحمهم الله – على جواز الجمع بين الصلاتين في عرفة لمن كان سفره طويلا ، و أما من كان سفره قصيرا كأهل مكة و أهل منى و غيرهم فقد اختلف في حكم جمعه على قولين:

 

القول الأول: إنه يجوز الجمع بين الصلاتين لكل واقف بعرفة، و به قال المالكية([2])، وبعض الشافعية([3])، و بعض الحنابلة([4]).

و استدلوا بما يأتي:

 

1-أن النبي صلى الله عليه و سلم جمع بين الظهر و العصر في عرفة،فجمع معه من حضر من المكيين و غيرهم، و لم يأمرهم بترك الجمع([5])، فدل على جوازه في حق كل من وقف بعرفة.

 

2-الإجماع: حيث إنه نقل الإجماع بجواز الجمع لكل من وقف بعرفة غير واحد.

 

قال ابن المنذر: ( أجمعوا على أن الإمام يجمع بين الظهر و العصر بعرفة يوم عرفة)([6]).

 

و قال النووي: (أجمعت الأمة على أن للحاج أن يجمع بين الظهر و العصر إذا صلى مع الإمام)([7]).

 

3-إن عثمان رضي الله عنه كان يتم صلاة الظهر و العصر، لأنه اتخذ أهلا، و لكنه لم يترك الجمع، فدل على جوازه لكل حاج([8]).

 

القول الثاني: إنه لا يجوز الجمع بين الظهر و العصر بعرفة إلا لمن كان سفره طويلا، و هو قول بعض الشافعية([9]) و هو الصحيح عندهم، وبعض الحنابلة([10]).

 

 

 

ووجهة أصحاب هذا القول:

1- إن الجمع كالقصر، سببه السفر الطويل، فلا يجوز إلا حيث وجد سببه([11]).

 

و أجيب عنه: بأن ذلك مخالف لما ثبت عن النبي صلى الله عليه و سلم من أنه جمع في عرفة بين الظهر و العصر ، فجمع معه من حضره من المكيين و غيرهم ، و لو حرم الجمع لبينه لهم، إذ لا يجوز تأخير البيان عن وقت الحاجة، و لا يقر النبي صلى الله عليه و سلم على الخطأ(([12].

 

 

الترجيح:

و الذي يترجح – و الله أعلم – القول الأول، القاضي بجواز الجمع لكل من وقف بعرفة ، لقوة أدلته ، و ضعف أدلة القول الثاني، و لما أثر عن عمر بن عبد العزيز رحمه الله من أنه كان والي مكة ، فخرج فجمع بن الصلاتين في عرفة(([13].

 


  1. ينظر: الشرح الممتع 7/ 324.
  2. ينظر: الفواكه الدواني 1/2361 ، كفاية الطالب 1/676.
  3. ينظر: المجموع8/90، الأم 2/212 ، الوسيط 2/256 ، روضة الطالبين 2/93.
  4. ينظر: المغني 3/207.
  5. ينظر: المغني 3/207.
  6. ينظر: الإجماع ص/64.
  7. ينظر: المجموع 8/96.
  8. ينظر: المغني 3/207.
  9. ينظر: مغني المحتاج 1/496 ، السراج الوهاج 11/162.
  10. ينظر: الروض المربع 1/508 ، المغني 3/207.
  11. ينظر:المبدع 3/231 ، كشاف القناع 2/491 .
  12. ينظر: المغني 3/207.
  13. ينظر: المغني 3/207.


بحث عن بحث