تفاوت درجات العلم بحسب موضوعه

 

وتتفاوت درجات العلم ومنازله بحسب الموضوع الذي تتناوله ، ولا شك أن أشرف العلوم وأجلها هو كتاب الله عز وجل ، وإذا صدق من قال : كلام الملوك ملوك الكلام ، فكيف بكلام ملك الملوك وقيوم السموات والأرض ! وعليه فيكون من تعلم القرآن وعلمه لغيره أشرف ممن تعلم غير القرآن ، وإن علمه .

إن تعلم القرآن العظيم والقيام بتعليمه وبيان معانيه وأحكامه للناس من أفضل الأعمال وأجل القرب ، يحظى متعلمه ومعلمه بالخير والفضل في الدنيا والآخرة كما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم في الحديث الذي معنا ( خيركم من تعلم القرآن وعلمه ) و( إن من أفضلكم من تعلم القرآن وعلمه )

فهذه شهادة حق لأهل القرآن بأنهم خير الناس وأفضلهم ، فلم يقل خيركم أو أفضلكم أكثركم مالا أو أولادا ، ولا أوسعكم عقارا أو نحو ذلك من حطام الدنيا الزائل .

وهذه هي صفات المؤمنين الصادقين المتبعين للرسول صلى الله عليه وسلم ، فهم يحرصون على تعلم القرآن وتزكية نفوسهم به ، كما يحرصون على تعليم الآخرين وإرشادهم لهديه والدعوة إليه فيكون نفعهم متعديا

 " وَلَا شَكَّ أَنَّ الْجَامِعَ بَيْنَ تَعَلُّمِ الْقُرْآنِ وَتَعْلِيمِهِ مُكَمِّلٌ لِنَفْسِهِ وَلِغَيْرِهِ ، جَامِعٌ بَيْنَ النَّفْعِ الْقَاصِرِ وَالنَّفْعِ الْمُتَعَدِّي ، وَلِهَذَا كَانَ أَفْضَلَ وَهُوَ مِنْ جُمْلَةِ مَنْ عَنَى سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى بِقَوْلِهِ :( وَمَنْ أَحْسَنُ قَوْلًا مِمَّنْ دَعَا إِلَى اللَّهِ وَعَمِلَ صَالِحًا وَقَالَ إِنَّنِي من الْمُسلمين )[ سورة فصلت / 33 ] ، وَالدُّعَاءُ إِلَى اللَّهِ يَقَعُ بِأُمُورٍ شَتَّى ، مِنْ جُمْلَتِهَا تَعْلِيمُ الْقُرْآنِ وَهُوَ أَشْرَفُ الْجَمِيعِ ، وَعَكْسُهُ الْكَافِرُ الْمَانِعُ لِغَيْرِهِ مِنَ الْإِسْلَامِ كَمَا قَالَ تَعَالَى : ( فَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنْ كَذَّبَ بِآيَاتِ اللَّهِ وصدف عَنْهَا )[ سورة الأنعام / 157 ]"(1)

وخير الناس وأفضلهم من تعلم القرآن حق تعلمه ، وعلمه حق تعليمه ، ولا يتمكن من هذا إلا بالإحاطة بالعلوم الشرعية أصولها وفروعها ، ومثل هذا الانسان يعد كاملا لنفسه مكملا لغيره فهو أفضل المؤمنين مطلقا ، وقد ورد عن عيسى عليه الصلاة والسلام : ( من علم وعمل وعلّم يدعى في الملكوت عظيما ) والفرد الأكمل من هذا الجنس هو النبي صلى الله عليه وسلم ، ثم الأشبه فالأشبه(2)


(1)فتح الباري ( 9/ 69 ).

(2) انظر : عون المعبود (4/ 229 ) .



بحث عن بحث