توضيح القول بعدم تلازم  السند بالمتن

 

الأصل تلازمهما، وعدم الانفكاك بينهما، وأما كونهما ينفكان فليس بمطرد، إما غلط في إيراد الحديث مع سلامة السند ، وكذا العكس ، ولهذا يقول ابن حجر : (( من المقرر أنه لا تلازم بين الإسناد والمتن إذ قد يصح السند أو يحسن لاجتماع شروطه من الاتصال والعداله والضبط دون المتن لشذوذه أو علته , وقد لايصح السند ويصح المتن من طريق أخرى ...   

فعلم أن التقييد بصحة السند ليس صريحا في صحة المتن ولاضعفه بل هو على الاحتمال. (1)

يقول الإمام الشافعي: "ولا يستدل على أكثر صدق الحديث وكذبه إلا بصدق المخبر وكذبه، إلّا في الخاص القليل من الحديث، وذلك أن يُستدل على الصدق والكذب فيه بأن يُحَدّثَ المُحَدّث بما لا يَجُوز أن يكون مثله، أو ما يُخالفه وما هو أثبت وأكثر دلالة في الصدق منه"(2).

ويوضح الدكتور محمد مصطفى الأعظمي (3)  بقوله: يعني: يَقْصِدُ أن يقول: أكثر ما يستدل على صدق الحديث إنما بصدق المخبر وكذبه، وفي غير ذلك من الممكن أن ننظر في النص نفسه في المتن .

وهذا النوع أكثر ما جاء عن عائشة أم المؤمنين رضي الله عنها, وجمعه بدر الدين الزركشي في كنابه:(الإجابة لإيراد ما استدركته عن عائشة على الصحابة)

وسمى هذا النقد استدراكا.

مثال لنقد المتن

أخرج الترمذي في جامعه عن فَاطِمَةُ بِنْتُ قَيْسٍ أنها قالت: طَلَّقَنِي زَوْجِي ثَلَاثًا عَلَى عَهْدِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «لَا سُكْنَى لَكِ وَلَا نَفَقَةَ»، قَالَ مُغِيرَةُ: فَذَكَرْتُهُ لِإِبْرَاهِيمَ، فَقَالَ: قَالَ عُمَرُ: «لَا نَدَعُ كِتَابَ اللَّهِ وَسُنَّةَ نَبِيِّنَا صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِقَوْلِ امْرَأَةٍ لَا نَدْرِي أَحَفِظَتْ أَمْ نَسِيَتْ»، وَكَانَ عُمَرُ يَجْعَلُ لَهَا السُّكْنَى وَالنَّفَقَةَ (4)

فعمر رضي الله عنه لم يطعن في عدالتها فهي صحابية جليلة؛ بل لعلها نسيت،  فهنا نقد للمتن أيضًا.

 وأيضاً ماروى الإمام مسلم في صحيحه من حديث أبي هريرة رضي الله عنه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم :  ( ورجل تصدق بصدقة فأخفاها حتى لا تعلم يمينه ما تنفق شماله )(5) فجعل الإنفاق للشمال مع أن المعلوم من كل الأدلة أنّ الإنفاق إنما هو باليمين وليس بالشمال

إذًا ، هذا نوع من القلب يتعلق بالمتن؛ فالحديث ورد بأسانيد صحيحة عن النبي صلى الله عليه وسلم .

______________

(1) توضيح الأفكار (1/195)ص(86 ـ 87)

(2) (الرسالة) في الفقرة 399

(3) في كتاب (منهج النقد عند المحدثين نشأته وتاريخه).

(4) سنن الترمذي (3/476) (1180)

(5) صحيح مسلم  كتاب الزكاة، باب فضل إخفاء الصدقة (1031)



بحث عن بحث