الحلقة (17)أقسام الحديث من حيث الصحة والضعف(2)

 

الصحيح لذاته

إطلاقات الحديث الصحيح :

للحديث الصحيح إطلاقان :

 

إطلاق عام : يشمل المتواتر والصحيح لذاته والصحيح لغيره والحسن .

وقد علم بذلك أنه مرادف للمقبول من الأحاديث والتي تصلح للاحتجاج بالاتفاق

يقول الحافظ ابن حجر :

" واعلم أن أكثر أهل الحديث لا يفردون الحسن من الصحيح (1)   

وإطلاق خاص : يشمل الصحيح لذاته والصحيح لغيره فقط .

تعريفه :

هو خبر الآحاد بنقل عدلٍ تام الضبط، متصل السند،غير معلل ولا شاذ (2)  

شروطه:

من التعريف المتقدم يعلم أن للحديث الصحيح لذاته شروطاً خمسة هي :

1- عدالة رواته .

2- تمام ضبطهم .

3- اتصال السند .

4- انتفاء العلة .

5- انتفاء الشذوذ .

فالعدل : من له ملكة تحمله على ملازمة التقوى والمروءة .

والملكة : هي الصفة الراسخة .(3)

التقوى : فعل المأمورات واجتناب المنهيات .

والمروءة : آداب نفسانية تحمل مراعاتها على التحلي بمحاسن الأخلاق وجميل العادات ويرجع في معرفتها إلى العرف فيختلف باختلاف الأشخاص والبلدان فكم من لبد جرت عادة أهله بمباشرة أمور لو باشرها غيرهم لعد خرماً للمروءة (4)

والضابط : الحافظ اليقظ غير المغفل والشاك والساهي في حالتي التحمل والأداء والضبط نوعان :

1/ ضبط صدر وهو الذي يثبت ما سمعه بحيث يتمكن من استحضاره متى شاء .

2/ ضبط كتاب وهو صون كتابه عن تطرق الخلل إليه من حين سمع فيه وقابله إلى

أن يؤدي منه (5)  .

واتصال السند : بأن يكون كل راو من رواته قد تحمله ممن فوقه بطريق معتبر من طرق التحمل كالسماع والعرض والمناولة وغيرها .

والعلة المشترط انتفاؤها : هي عبارة عن سبب خفي غامض يقدح في صحة الحديث الذي ظاهره السلامة منها .ويأتي الكلام عنه لاحقاً

والشاذ : هو ما خالف فيه الثقة من هو أوثق منه . ويأتي الحديث عنه لاحقاً.

وفي تعريف الصحيح يقول الحافظ العراقي :

                           فالأول المتصل الإسناد        بنقل عدل ضابط الفؤاد

                         عن مثله من غير ما شذوذ        وعلة قادحة فتوذي (6)  

 

وتحديد هذه الشروط جاء نتيجة استقراء الأئمة المتأخرين كلام أهل الحديث وعباراتهم مع تطبيقاتهم ، ولذلك تجد في كلام المتقدمين ما يدل على هذه الشروط .

فمثلاً : قال الإمام الشافعي رحمه الله في "الرسالة" (370-371) :

" ولا تقوم الحجة بخبر الخاصة حتى يجمع أمورا ، منها : أن يكون من حَدَّثَ به ثقةً في دينه ، معروفًا بالصدق في حديثه ، عاقلا لما يحدث به ، عالما بما يحيل معاني الحديث من اللفظ ، وأن يكون ممن يؤدي الحديث بحروفه كما سمع ، لا يحدث به على المعنى ؛ لأنه إذا حدث على المعنى وهو غير عالم بما يحيل به معناه لم يدر لعله يحيل الحلال إلى حرام ، وإذا أداه بحروفه فلم يبق وجه يُخاف فيه إحالته الحديث ، حافظا إذا حدث به من حفظه ، حافظا لكتابه إذا حدث من كتابه ، إذا شرك أهل الحفظ في حديث وافق حديثهم ، بَرِيًّا من أن يكون مدلسا يحدث عن من لقي ما لم يسمع منه ، ويحدث عن النبي صلى الله عليه وسلم ما يحدث الثقات خلافه عن النبي صلى الله عليه وسلم .

ويكون هكذا من فوقه ممن حدثه حتى ينتهي بالحديث موصولا إلى النبي صلى الله عليه وسلم أو إلى من انتهى به إليه دونه " انتهى .

فإذا اجتمعت هذه الشروط في الحديث فهو حديث صحيح باتفاق أهل العلم ، كما نقله ابن الصلاح رحمه الله (7)

 


(1)  النكت" (1/480) .

(2)  النخبة (مع تحقيق الرغبة ص56)

(3)  نزهة الناظر ص 83 .

(4)  نقله السخاوي في فتح المغيث 1/270 عن الزنجاني في شرح الوسيط

(5)  نزهة النظر ص 83 .

(6)  الفية العراقي رقم 12

(7)  - انظر : "المقدمة في علوم الحديث" (8) والذهبي في "الموقظة" (24) .

 

 



بحث عن بحث