مشكل أحاديث شؤم المرأة(12)

 

بقية أقوال العلماء :

العلامة السّهَارنفوري الهندي (1346هـ)

حاول الشيخ خليل السّهارنفوري في كتابه: بذل المجهود في حلّ أبي داود، أن يوفق ويجمع بين الحديث الذي يثبت الشؤم في ظاهره، وبين الحديث الذي ينفي الشؤم والطيرة، بقوله: " ووجه الجمع بينهما... أن الطيرة بمعنى الشؤم الذاتي والنحوسية الخَلقية منتفية حيث أوردها بلفظ إنْ [ يشير إلى رواية  :إنْ يكن الشؤم في شيء...] الدالة على أنه غير واقع، فالمعنى لو تحقق الشؤم بهذا المعنى، لكان في هذه الثلاثة، لكنه غير متحقق فيها، فلا يتحقق في شيء. وأما الشؤم بمعنى ما يلحق من المضار أحياناً، أو قلة الجدوى في بعض أفرادها نسبةً إلى البعض الآخر منها، فغير منفي، بل أثبته بعدُ، بقوله الشؤم في الدار إلى آخره، فالحاصل أن النفي والإثبات راجعان إلى شيئين لا إلى شيء واحد ، فلا تعارض...)(1) .

إذاً، فإن الشؤم المنسوب للمرأة في نظر السهارنفوري، هو شؤم عارض لا علاقة له البتة بذات المرأة، وهو بمعنى الضرر الذي قد يلحق بمن يعاشر هذه المرأة، لسببٍ من الأسباب العارضة المتعلقة بها كسلاطة لسانها أو عقم رحمها. أما المرأة نفسُها، فلا يمكن أن يُنسب لها شؤم ذاتي، لأنه غير موجود في هذا الوجود كله أصلاً.

الشيخ ناصر الدين الألباني

بعد أن قام الشيخ ناصر الدين الألباني بدراسة وتصحيح حديث الشؤم برواياته المختلفة، وتصحيح رواية السيدة عائشة رضي الله عنها أيضاً، قال رحمه الله تعالى: "وجملة القول: إن الحديث اختلف الرواة في لفظه، فمنهم من رواه كما في الترجمة، ومنهم من زاد عليه في أوله ما يدل على أنه لا طيرة أو شؤم ( وهما بمعنى واحد كما قال العلماء )، وعليه الأكثرون، فروايتهم هي الراجحة، لأن معهم زيادة علم فيجب قبولها، وقد تأيَّد ذلك بحديث عائشة الذي فيه: أن أهل الجاهلية هم الذين كانوا يقولون ذلك، وقد قال الزركشي في " الإجابة " (ص 128): قال بعض الأئمة: ورواية عائشة في هذا أشبه بالصواب إن شاء الله تعالى ( يعني من حديث أبي هريرة ) لموافقته نهيه عليه الصلاة والسلام عن الطيرة نهياً عاماً، وكراهيته و ترغيبه في تركها.."(2) .

وقال رحمه الله تعالى في مكان آخر : " وقد جاء حديثٌ صريح في نفي الشؤم، وإثبات اليُمن في الثلاث المذكورة، وهو المناسب لعموم الأحاديث التي تنفي الطيرة،.."(3) .

وهكذا نفهم من كلام الألباني أنه يميل إلى إنكار شؤم المرأة، اعتماداً على عموم الأحاديث الصحيحة النافية للشؤم، وأخذاً بحديث السيدة عائشة رضي الله عنها الذي صحّ وثبت عنده.


(1) بذل المجهود في حلّ أبي داود (بيروت، دار الكتب العلمية)، ج15، ص251.

(2) سلسلة الأحاديث الصحيحة، 2/692.

(3) المرجع السابق، 4/522.



بحث عن بحث