بسم الله الرحمن الرحيم

نرحب بصاحب الفضيلة الشيخ محمد كريم راجح شيخ قراء بلاد الشام.

بدايةً فضيلة الشيخ نود أن تعرفو المتصفح للموقع بشخصكم الكريم: النشأة، بداية طلبكم للعلم، شيوخكم، إنتاجكم العلمي.

 

بسم الله الرحمن الرحيم

حفظت القرآن منذ مراهقتي، وطلبت العلم أثناء ذلك، وكان شيخي الأول فضيلة شيخ القراء الشيخ حسين خطاب، بعده العلم الفرد الشيخ حسن حبنكة، ثم انتسبت إلى جامعة دمشق، فحملت الإجازة في العلوم الشرعية، ثم إلى كلية التربية فحملت الدبلوم العامة، ثم كنت مدرساً في بصرى الشام، ثم مفتياً في ناحية إزرع من جنوب دمشق، وتنقلت في أكثر من مسجد خطيباً، وأنا الآن أخطب في جامع الحسين في الميدان، وشغلت منصب الإمامة  لمساجد متعددة، وأنا الآن شيخ قراء دمشق، وأستاذ في قسم التخصص في معهد الفتح الإسلامي، وأستاذ في مجمع الشيخ أحمد كفتارو، والمستقبل بيد الله، واختصرت تفسير القرطبي في خمسة أجزاء، وتفسير ابن كثير في جزئين، واختصرت شرح النووي على صحيح مسلم، وهو قيد الطبع، وتفسير مختصر للقرآن الكريم وهو قيد الطبع.

وقد تلقيت الشاطبية والدرة على شيخنا شيخ القراء الشيخ أحمد الحلواني الحفيد، كما تلقيت طيبة النشر على شيخنا عبد القادر قويدر العربيلي رحمهما الله تعالى.

 

- إن بلاد الشام بشكل عام ودمشق بالخصوص كانت محط كثير من العلماء بعد تطوافهم في بلاد الإسلام فنود من فضيلتكم تبيين فضل هذه البلاد ودورها الريادي في العالم الإسلامي؟

إن بلاد الشام بلاد العلم والدين والخلق، وبلاد الذوق والشفافية والروح الكريمة، بلاد الشام هاجر إليها الصحابة، وآل البيت، والمعروف عنها أن من دخلها لا يخرج منها إلا كرها.

فمنها ابن الجزري، وابن كثير، وابن تيمية، وابن القيم، والنووي، والمزي، وابن رجب الحنبلي، وابن قدامة، والبرزالي، وعبد الغني المقدسي، وأبو تمام، والشعراء النابغون من سورية، وتعتبر بلاد الشام رائدة في العالم العربي والإسلامي، فما أكثر ما استفادت منها الأقطار الأخرى.

ويمتاز رجالها بالصدق والإتقان، وتواريخهم حافلة بالخير والفضل.

 

- لقد شرفكم الله تعالى بشرف القرآن فآلت إليكم مشيخة القراء في هذه البلاد ما هو الرابط بين السنة النبوية وعلم القراءات؟

السنة النبوية، إما مؤكدة لما جاء في القرآن كالصلاة، وإما شارحة للقرآن كما في قوله صلى الله عليه وسلم، خذوا عني مناسككم، وقوله: «صلوا كما رأيتموني أصلي»، وإما أنها أضافت إلى القرآن أحكاماً جديدة مثل: «لا تنكح المرأة على عمتها أو خالتها، أتريدون أن تقطعوا أرحامكم؟»

والسنة بشكل عام هي الشارحة للقرآن، والرسول صلى الله عليه وسلم هو المبلغ للقرآن، وترك السنة ترك للقرآن، وإهمالها إهمال للقرآن، فالسنة لا تستغني عن القرآن، والقرآن لا يستغني عن السنة، ومن فصل بعضهما عن بعض، وفرق بينهما فقد كفر.

لا جرم كانت العناية بالسنة من قبل العلماء إلى يومنا هذا والحمد لله، وحتى قال أحد الأفاضل: القرآن أحوج إلى السنة من السنة إلى القرآن.

 

- تمر أمتنا بمرحلة صعبة بل حرجة على مستوى الفرد والجماعة فدعوى الانتماء لهذا الدين أصبحت شعار الجميع والواقع يكذب هذه الدعوى؛ إلى أي جانب ترد هذا الخلل بين الادعاء والواقع؟

بكل أسف أصبح الإنسان المسلم لديه انفصام في الشخصية فهو إذا تعلم حسبته من أكبر الصالحين، حتى إذا عاينته وجدته لا يحتوي على شيء من الدين ولا من مخافة الله سبحانه، وهذا يعود إلى سوء التربية في البيوت الإسلامية، وفي المدارس، وفي الحياة العامة، ولكن ما عليه المسلمون اليوم يوشك أن ينتهي بجيل مسلم نشأ على طاعة الله، وربي تربية إسلامية، فالوعي الديني الإسلامي أخذ بالصعود، على أيدي رجال صدقوا ما عاهدوا الله عليه، نصروا القرآن والسنة، والتمسك بما عليه خير القرون.

 

- نرى فضيلة الشيخ في هذه البلاد وخلال العقدين الماضيين أن عدداً ليس بالقليل اتجه إلى تعلم القراءات وجمعها والحصول على إجازات في ذلك رجالاً ونساءً، وما نجد اهتماماً مماثلاً في تعلم السنة النبوية وعلومها، ما هو تعليقكم على ذلك؟

لا شك أن اهتمام الناس بالقرآن واضح، وأن القراءات تبع للقرآن أخذ الناس بالاهتمام بها غير أن السنة والحمد لله ظاهر أمر العناية بها، فمن الناس من يحفظها، ومنهم من يؤلف بها، ومنهم من ينشرها، والشباب يتبعون الأحاديث الصحيحة، ويميزونها على غيرها، وينكرون على الذين يروون الأحاديث الضعيفة والموضوعة، وهذا مؤذن بمستقبل رفيع في نصرة السنة النبوية والحمد لله على ذلك.

 

- يجري على بعض الألسنة من المتعالمين القدح في صحيحي البخاري ومسلم محتجين أن فيهما بعض الأحاديث المعلقة أو الشاذة ما هو تعليقكم على ذلك؟

أجمع العلماء على قبول هذين الصحيحين، وعلى العمل بما فيها، فقد تلقيا بالقبول، وما التكلم فيهما قدحاً إلا ضرب من ضروب الطغيان، وقدح في اعظم كتابين بعد القرآن، ولا يهولنك فالمجرمون اليوم يتكلمون مهاجمين للقرآن نفسه.

إن أعداء الله يريدون أن ينهوا الإسلام قرآناً وسنة ولكن الإسلام شمس لا تطال.

زعم الفرزدق أن سيقتل مربعاً             أبشر بطول سلامة يا مربعُ

والعجيب أن الطغاة كلما هاجموا هذين الصحيحين ارتفع قدرهما وزادت مرجعيتهما، والحمد لله.

 

-   كيف ترون توجه الناس إلى العمل بالسنة في عصرنا هذا؟

توجه الناس اليوم للسنة يرفع الرأس، لأن ذلك من قبل الناشئة والشباب فهم يحرصون عليها ويدرسونها ويجلبونها إلى جانب القرآن، ولم يعد أحد منهم يرضى أن يقال له: الحكم كيت وكيت إلا أن يسأل ما هو الدليل على ذلك من كتاب الله أو سنة نبيه صلى الله عليه وسلم وذلك أمر ولا شك مبشر بخير ووعي.

 

-   ما هو دور العالم حيال البدع والخرافات التي دخلت على أمتنا؟

يجب على العلماء أن يميزوا بين الحكم الشرعي المبني على دليل صحيح من كتاب أو سنة، وبين ما هو مبني على حديث موضوع أو واه، والمشكلة في الوعاظ والدعاة الذين يزعمون أن الإصلاح ممكن عن طريق قصص خرافية، والمهم أن يتأثر الناس.

وأود أن أضع في أذن كل مسلم أن الذي أخرج الأوائل من ظلمات الشرك وبراثنه هو القادر على أن يخرجهم من أضاليل الشياطين اليوم، إنه القرآن وإنها السنة، لا القصص الخرافية التي يصفق لها العامة فعلينا أن نرفع العامة إلى مستوى الإسلام لا أن نهبط معهم إلى مستوى الخرافات، فنكون كما قال الله تعالى: (اشْتَرَوْا بِآياتِ اللَّهِ ثَمَناً قَلِيلاً) [التوبة:9].

 

- بماذا تفسرون إقبال الناس على التحري لمعرفة الصحيح من الضعيف في الحديث النبوي الشريف؟

أفسر ذلك بالوعي الإسلامي، وبأن الشباب المسلم وقع في فراغ من كلام فارغ متكرر فرأى أن المرجح السنة فأخذ يمحصها كما فعل الأوائل، وهذا عمل مبارك أرجوا له الدوام.

 

- كيف تفاضلون بين كتب التفسير؟ هل باعتمادها على المأثور من حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم أم بالمعقول؟

الأصل في التفسير بالمأثور، ولكن المعقول يحسن إذا لم يتنافى مع المأثور، وأقرته اللغة، وكان عليه دليل من الكتاب، فإن القرآن الكريم لا تنتهي عجائبه، فإذا وجد العقل الذكي، واللغة السليمة، والاخلاص لله أمكن أن يستنبط من القرآن الكريم معاني غاية في غاية العجب، وذلك من معجزات القرآن.

 

-   كلمتكم الأخيرة لرواد الموقع؟

أرجوا لهذا الموقع التوفيق، وأرجوا لرواد الموقع الانتفاع، وأرجوا أن يمدوا هذا الموقع بثروة كبيرة من خدمة السنة، والقيام بشأنها حتى نخدم الإسلام خدمة حقيقية والكلمة الأخيرة أننا نحتاج إلى عمل، فعلينا أن نعمل بما نعلم كما كان أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم مخلصين والحمد لله رب العالمين.

 

                                                             أجرى الحوار

                                                           سليمان الحرش

 



بحث عن بحث