6- عن حسان بن عطية قال: (كان جبريل - عليه السلام - ينزل على رسول الله - صلى الله عليه وسلم- بالسنة كما ينزل عليه بالقرآن، ويعلمه كما يعلمه القرآن)(1).

 وعن أبي أمامة أنه سمع رسول الله - صلى الله عليه وسلم- يقول: (ليدخلن الجنة بشفاعة رجل ليس بنبي مثل الحيين، أو مثل أحد الحيين ربيعة ومضر، فقال رجل: يا رسول الله، وما ربيعة من مضر ؟ فقال: إنما أقول ما أقول)(2).

   وعن عبيد بن نضلة قال: قيل لرسول الله - صلى الله عليه وسلم- في عام سنة(3)، سعر لنا يا رسول الله . قال: (لا يسألني الله عن سنة أحدثتها فيكم لم يأمرني بها، ولكن اسألوا الله من فضله)(4).

   ومن هذه الأحاديث الثلاثة الأخيرة يتضح أن السنة توحى إليه - صلى الله عليه وسلم- من ربه - سبحانه وتعالى-، وأنه لا يقولها من خاطره، وإنما يؤمر بقولها، كما أنه - صلى الله عليه وسلم- لا يسن ما لم يؤمر به .

   والرأي من رسول الله - صلى الله عليه وسلم- ليس ظنا ولا تكلفا، وإنما هو ما يطلعه الله عليه، وهو في هذا يختلف عن الأمة، وهذا معنى قول الله – سبحانه-: (إِنَّا أَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ لِتَحْكُمَ بَيْنَ النَّاسِ بِمَا أَرَاكَ اللَّهُ)[ سورة النساء / 105](5).

    وقد روي عن ابن عباس قال: (إياكم والرأي، فإن الله قال لنبيه - صلى الله عليه وسلم- (لِتَحْكُمَ بَيْنَ النَّاسِ بِمَا أَرَاكَ اللَّهُ) ولم يقل بما رأيت)(6).

    وروي عن عمر أنه قال على المنبر: (يا أيها الناس إن الرأي إنما كان من رسول الله - صلى الله عليه وسلم- مصيبا، لأن الله تعالى كان يريه، وإنما هو منا الظن والتكلف).(7)

 


 


--------------------------------------------------------------------------------

(1)   الأثر أخرجه الدرامي في السنن في المقدمة، باب السنة قاضية على كتاب الله، رقم ( 588 ) والخطيب في الكفاية في علم الرواية، باب تخصيص السنن لعموم محكم القرآن ص 47، 48، وعزاه ابن حجر في الفتح ( 13/291 ) للبيهقي وصحح إسناده .

(2)   أخرجه أحمد في المسند ( 5/257 )، ( 261، 267 )، وحسنه السيوطي في الجامع الصغير ( رقم 7557 ) وقال المناوي في فيض القدير ( 5/325 ): " قال المنذري: رواه أحمد بإسناد جيد، وقال الهيثمي: رواه أحمد والطبراني بأسانيد ورجال أحمد رجال الصحيح وأحد أسانيد الطبراني رجاله رجال الصحيح غير عبد الرحمن بن ميسرة،وهو ثقة .

(3)   أي عام جدب .

(4)   عزاه في مجمع الزوائد ( 4/100 ) للطبراني في المعجم الكبير، وإسناده رجاله ثقات، سوى بكر بن سهل الدمياطي فإنه ضعفه النسائي ووثقه غيره .

(5)    انظر: السنة النبوية للدكتور عبد المهدي ص 25.

(6)   عزاه في الدر المنثور ( 2/386 ) لابن المنذر وابن أبي حاتم .

(7)    أخرجه أبو داود، كتاب الأقضية، باب في قضاء القاضي إذا أخطأ، رقم ( 3586 )، والبيهقي في الكبرى ( 10/117 ) وابن عبد البر في الجامع ( رقم 2000 ) وإسناده منقطع بين الزهري وعمر بن الخطاب، لكنه روي من غير وجه عنه -رضي الله عنه- . 

 



بحث عن بحث