شبه المنكرين لحجية السنة، والرد عليهم (2)

 

الوجه الثاني في الرد على الشبهة المذكورة في الحلقة السابقة:

الثاني : أننا لو سلمنا لكم أن المراد من الكتاب القرآن الكريم ، لكننا نقول لكم : إن هذا العموم غير تام؛ بل هو مخصص، يقول الله تعالي: ( وما أنزلنا عليك الكتاب إلا لتبين لهم الذي اختلفوا فيه وهدى ورحمة لقوم يؤمنون )(1).

والذي يجعلنا نذهب إلي تخصيص هذا العام أمران:

1 ــ أن آيات القرآن تتفق، ولا تتعارض في ظاهرها، فإن القرآن مليء بالآيات التي فوض الله فيها نبيه في شـرح الأحكام.

2ــ أن كثيرا من الأمور الجزئية في حياة المجتمع تحتاج إلى حكم، وليس القرآن إلا قواعده العامة.

يدل على هذا ــ أن الصلاة واجبة بنص القرآن ، ولكن كم عددها ؟وكم عدد ركعات كل واحدة  ؟ وما الذي يقرأ فيها وجوبا من القرآن ؟ وما هي الصلاة التي يجهر فيها ؟والتي يُسَرُّ فيها ؟ ثم كيف يجمع الناس للصلاة ؟ ومتى تؤدي الفرائض ؟ ......إلخ .

لم يتعرض القرآن لتفصيل واحد من تلك الأحكام الجزئية، التي وردت حول القاعدة الرئيسة: ( أقيموا الصلاة )، ولكن النبوة عن طريق تعاليم الوحي هي التي فصلت، ووضحت، وعلمت كل هذه التفصيلات للناس، بالقول والعمل .

وهنا يضع القرآن قاعدة رئيسة عامة، ترد على مزاعم الرافضين حجية السنة ، فيحدد القرآن الكريم عمل النبوة، مع وجود القرآن نفسه، يقول الله تعالى : ( وما آتاكم الرسول فخذوه، وما نهاكم عنه فانتهوا )(2).

ويؤكد أن كل ما يرد عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم- من أمر ونهي، أو فعل أو ترك ، أو ترغيب أو ترهيب ...إلخ ، إنما هو مقبول عند الله؛ بل إنه من عند الله، كما يقرأ المسلم في سورة النجم : ( وما ينطق عن الهوى . إن هو إلا وحي يوحى )(3).

ولا شك أن إبقاء العموم في الكتاب على أنه القرآن  يتعارض مع الآيات التي ذكرت ، ولا يتفق مع حاجات المجتمع ، ولا يليق أمام الحشد الذي نقله المسلمون الثقات من أهمية تدخل السنة في تدبير معاشات البشر ، لهذا لم يكن هناك بُدٌّ من تخصيص هذا العام ، ويكون المراد : ما فرطنا في الكتاب من شيء ، أي من القواعد الرئيسة الكلية، التي تندرج تحتها أحكام الجزئيات المتجددة في حياة الناس، التي توضحها وتبينها لهم السنة المطهرة .

 


(1) - سورة النحل / 64.

(2) - سورة الحشر /7 .

(3) - سورة النجم /3 ، 4 .



بحث عن بحث