تساؤل وجوابه (13)

 يقول فضيلة الأستاذ الدكتور موسى شاهين : "بقي في نفسي تساؤل بخصوص حديث تأبير النخل ربما يثور في نفوس البعض، هو : لماذا ألهم الله رسوله صلى الله عليه وسلم أن يشير عليهم بهذه الإشارة مع أنها لم تكن في مصلحتهم؟

ولماذا جعلهم الله يستسلمون لمجرد الإشارة، وهم المعروفون بالمراجعة والنقاش وكثرة السؤال؟

 ولماذا لم يتدارك الله هذه المشورة بالتصحيح قبل أن تنتج شيصاً للمسلمين يسخر منه اليهود، وأعداء الإسلام حين يصح نخلهم ويسوء نخل المسلمين بسبب مشورة نبيهم صلى الله عليه وسلم؟؟.

 وسنحاول تلمس حكمة لهذه الحادثة، فإن حصلت بها قناعة واطمئنان فالحمد لله، وإلاَّ فنحن مؤمنون أرسخ الإيمان بأن لله عز وجل في ذلك حكمة، وهو الحكيم الخبير .

ولعل الحكمة في ذلك تدور حول ثلاث أمور :

أولاً : صرف بلاء الأعداء عن المؤمنين الذين لم تقوا شوكتهم بعد، ألم يكن من الجائز أن يطمع الكافرون فى المدينة وتمرها، فيهاجموها من أجل نزول محمد صلى الله عليه وسلم فيها؟ فخروج التمر شيصاً جعلها غير مطمع، وصرف الله بذلك هجوم الكافرين حتى يستعد المؤمنون؟ احتمال .

ثانياً : تعليمهم الأخذ بأسباب الحياة بهذا الدرس العملي الذي كان قاسياً عليهم فتنافسوا بعده في أسباب الحياة .

ثالثاً : اختبارهم في صدق إيمانهم، فهذه الحادثة حتى اليوم في هذا البحث ابتلاء واختبار، وقد نجح الصحابة رضوان الله عليهم ــ  في هذا الاختبار القاسي - وهم في أول الإيمان، نجاحاً باهراً، فقد استمروا في طاعة أوامره صلى الله عليه وسلم، ولم يرد إلينا ردة أحد بسببها، بل لم يرد عتاب أحد منهم لرسول الله صلى الله عليه وسلم عليها رغم خسارتها، مما يشهد لهم بالإيمان الصادق المتين(1).

ولعل تلك الحكمة الأخيرة هي أوجه الحكم في هذه الحادثة،والله أعلم بحكمته (2).


(1) السنة والتشريع ص 45 ــ 47

(2) انظر : السنة في كتابات أعداء الإسلام 1 / 459 ــ 472



بحث عن بحث