تعليق الشيخ شاكر على هذا الحديث ووصفه لهؤلاء (3)

 

وهذا الغلو من بعض الناس، هو الذى جعل عالماً كبيراً مثل المحدث الجليل الشيخ أحمد محمد شاكر - رحمه الله - يعلق على هذا الحديث فى مسند الإمام أحمد فيقول : "هذا الحديث مما طنطن به ملحدوا مصر، وصنائع أوروبة فيها، من عبيد المستشرقين، وتلامذة المبشرين، فجعلوه أصلاً يحجون به أهل السنة وأنصارها، وخدام الشريعة وحماتها، إذا أرادوا أن ينفوا شيئاً من السنة، وأن ينكروا شريعة من شرائع الإسلام، فى المعاملات وشئون الاجتماع وغيرها، يزعمون أن هذه من شئون الدنيا، ويتمسكون برواية أنس : ( أنتم أعلم بأمر دنياكم) والله يعلم أنهم لا يؤمنون بأصل الدين، ولا بالألوهية، ولا بالرسالة، ولا يصدقون القرآن فى قرارة نفوسهم .

ومن آمن منهم فإنما يؤمن لسانه ظاهراً، ويؤمن قلبه فيما يخيل إليه، لا عن ثقة وطمأنينة، ولكن تقليداً وخشية، فإذا ما جد الجد، وتعارضت الشريعة، الكتاب والسنة، مع ما درسوا فى مصر أو فىأوروبة لم يترددوا فى المفاضلة، ولم يحجموا عن الاختيار، وفضلوا ما أخذوه عن سادتهم، واختاروا ما أشربت قلوبهم، ثم ينسبون نفوسهم بعد ذلك أو ينسبهم الناس إلى الإسلام . والحديث واضح صريح، لا يعارض نصاً، ولا يدل على عدم الاحتجاج بالسنة فى كل شأن، وإنما كان فى قصة تلقيح النخل أن قال لهم : "ما أظن ذلك يغنى شيئاً" فهو لم يأمر ولم ينه، ولم يخبر عن الله، ولم يسن فى ذلك سنة حتى يتوسع فى هذا المعنى إلى ما يهدم به أصل التشريع(1)أ.هـ.

وإذا كان عمدة الأدلة عند من يذهبون إلى تقسيم السنة إلى سنة تشريعية وسنة غير تشريعية، هو اجتهاده صلى الله عليه وسلم، وقوله صلى الله عليه وسلم : ( أنتم أعلم بأمر ديناكم) فلنحرر القول فى اجتهاده صلى الله عليه وسلم، وبيان المراد من قوله ( أنتم أعلم بأمر ديناكم) فإلى تفصيل ذلك .


 (1) مسند أحمد بتحقيق الشيخ شاكر 2 / 177 رقم ( 1935 ) هامش .



بحث عن بحث