السنة المستقلة بالتشريع وآراء العلماء فيها(20)

 

 

المسلك الخامس : أن ما جاء في السنة إنما هو تفريع على أصل الكتاب الكريم مما عبر عنه العلماء بالمصالح المرسلة أو الاستحسان .

 فإنه كما جاء هذا المعنى في القرآن :( وَلاَ تُمْسِكُوهُنَّ ضِرَاراً لَّتَعْتَدُواْ)[ سورة البقرة / 231 ] وقوله تعالى :( وَلَا تُضَارُّوهُنَّ لِتُضَيِّقُوا عَلَيْهِنَّ )[ سورة الطلاق /6 ] وقوله تعالى :( لاَ تُضَآرَّ وَالِدَةٌ بِوَلَدِهَا)[ سورة البقرة /233 ]  قد جاء مثله في السنة إذ قال صلى الله عليه وسلم :" لا ضرر ولا ضرار "(1)وغيره (2).

مناقشة هذا المسلك :

نوقش هذا المسلك بأن هذه المعاني الكلية ( التي استنبط النبي صلى الله عليه وسلم من جزئياتها الموجودة في الكتاب ) ، قليلة بالنسبة لسائر السنة ، وقد لا يمكن لغيره صلى الله عليه وسلم أن يأخذها من جزئياتها ، وقد يكون علمها بطريق الوحي ، لا بالاستنباط من الجزئيات .

ثم إن من المعقول أن الجزئيات هي المبينة للكليات ، فالقرآن هو المبين لكليات السنة على هذا .

ولو سلمنا العكس ، ففي القرآن كليات لها جزئيات في السنة ، فالقرآن مبين على ما تقول(3).
 


(1) الحديث أخرجه ابن ماجه في سننه ، كتاب الأحكام ، باب من بنى في حقه ما يضر جاره ، رقم ( 2341 ، 2340 ) ، وأحمد في المسند ( 5/ 326 ، 327 ) والحاكم في المستدرك ( 2/ 57 ، 58 ) وقال : حديث صحيح الإسناد على شرط مسلم ولم يخرجاه ، ووافقه الذهبي ، والدار قطني في سننه ، كتاب الأحكام ، رقم ( 4539 ، 4541 ، 4542 ) وحسنه ابن الصلاح والنووي بمجموع طرقه .

(2) الموافقات ( 4/ 392 ) .

(3) حجية السنة صــ 534 ، 535 .



بحث عن بحث