تفاضل الأعمال عند الله

إنما يكون تفاضل الأعمال عند الله بتفاضل ما في القلوب من الإيمان، والإخلاص، والمحبة، وبمقدار التقيد بما شرع الله في كتابه، وعلى لسان رسوله - صلى الله عليه وسلم-، وإذا توفر الإيمان والإخلاص لله في العمل، ومتابعة الرسول - صلى الله عليه وسلم-  فيما شرع، قبل الله العمل، وكفر به الذنوب تكفيرًا كاملاً، وإذا نقص شيء من ذلك، نقص التكفير بحسبه.

وقراءة القرآن أفضل من الذكر؛ لاشتماله على الذكر والدعاء، ولما في قراءته، وتدبره، والعمل به من الثواب الجزيل.

والذكر أفضل من الدعاء؛ لأن الذكر ثناءٌ على الله - سبحانه – بأسمائه، وصفاته، وآلائه، والدعاء سؤال العبد حاجته، فأين هذا من هذا ؟!.

 وهذا من حيثُ النظرُ لكل منهما مجردًا، وقد يعرض للمفضول ما يجعله أولى من الفاضل، بل يعيِّنه، فلا يجوز أن يُعدل عنه إلى الفاضل، كالتسبيح في الركوع والسجود، ونحوه، وكذلك الأذكار المقَيَّدةُ بمحال مخصوصة، أفضل من القراءة المطلقة.

وقراءة القرآن المطلقةُ أفضل من الأذكار المطلقة، اللهم إلا أن يعرض للعبد ما يجعل الذكر أو الدعاء أنفع له من قراءة القرآن، كأن يتفكر في ذنوبه، فيتوبَ ويستغفرَ، أو يعرض له ما يخاف أذاه من شياطين الجن والإنس، فيعدل إلى الأذكار والدعوات التي تحصِّنه، ونحو ذلك.

ولما كانت الصلاة مشتملةً على القراءة، والذكر، والدعاء، وجامعةً لأجزاء العبودية على أتم الوجوه، كانت أفضل من كلٍ من: القراءة، والذكر، والدعاء بمفرده، لجمعها ذلك كله، مع عبودية سائر الأعضاء.

ولا بد من معرفة مراتب الأعمال، وفقهٍ في تنزيل كل عمل في مرتبته، فإن كان المفضول لا يمكن تداركه – إن فات – فالاشتغال به أولى، كترك قراءة القرآن لردِّ السلام، وتشميت العاطس.

هذه خلاصة ما أورده الإمام ابن القيم – رحمه الله – في فضل الذكر، وفوائده، وأنواعه، تتلوها أذكارٌ مأثورةٌ مختارةٌ.

والسعيد في دنياه وأخراه، من يوفقه مولاه إلى تدبر آيات كتاب ربه – عز وجل – والعملِ بها، ومعرفةِ سنةِ نبيه - صلى الله عليه وسلم-، والاهتداء بها، فهو القدوة الحسنة في الأفعال، والأقوال، ومن ذلك ما أُثِرَ عنه - صلى الله عليه وسلم-، من الأذكار والأدعية، فعلى المسلم أن يحرص على متابعة نبيه فيها، ففيها الغنى والخير، وأن يجتهد في الالتزام بها قدر استطاعته، في أماكنها وأوقاتها التي شرعت فيها، وأن يكون لسانه في مختلف أحواله رطبًا بذكر الله، استغفارًا، وتلاوةً لكتابه الكريم، الذي لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه، تنزيل من حكيم حميد.

وعندما تتعدد صيغ الأذكار الواردة عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم- في المحال المخصوصة، كأذكار الاستفتاح، أو الركوع والسجود، أو التشهد، والصلاة على النبي - صلى الله عليه وسلم-، ونحو ذلك، فللذاكر أن يختار ما شاء، مادامت ثابتةً عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم-.

 



بحث عن بحث