فضل الصحابة

 

 

   ورد في فضل الصحابة –رضي الله عنهم- آيات وأحاديث كثيرة منها: قوله تعالى: (وَالسَّابِقُونَ الأَوَّلُونَ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ وَالأَنْصَارِ وَالَّذِينَ اتَّبَعُوهُمْ بِإِحْسَانٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ وَأَعَدَّ لَهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي تَحْتَهَا الأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَداً ذَلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ) [التوبة:100].
وقال تعالى: (لَقَدْ رَضِيَ اللَّهُ عَنِ الْمُؤْمِنِينَ إِذْ يُبَايِعُونَكَ تَحْتَ الشَّجَرَةِ فَعَلِمَ مَا فِي قُلُوبِهِمْ فَأَنْزَلَ السَّكِينَةَ عَلَيْهِمْ وَأَثَابَهُمْ فَتْحاً قَرِيباً) [الفتح:18].
وقال تعالى (مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ وَالَّذِينَ مَعَهُ أَشِدَّاءُ عَلَى الْكُفَّارِ رُحَمَاءُ بَيْنَهُمْ تَرَاهُمْ رُكَّعاً سُجَّداً يَبْتَغُونَ فَضْلاً مِنَ اللَّهِ وَرِضْوَاناً سِيمَاهُمْ فِي وُجُوهِهِمْ مِنْ أَثَرِ السُّجُودِ ذَلِكَ مَثَلُهُمْ فِي التَّوْرَاةِ وَمَثَلُهُمْ فِي الْأِنْجِيلِ كَزَرْعٍ أَخْرَجَ شَطْأَهُ فَآزَرَهُ فَاسْتَغْلَظَ فَاسْتَوَى عَلَى سُوقِهِ يُعْجِبُ الزُّرَّاعَ لِيَغِيظَ بِهِمُ الْكُفَّارَ وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ مِنْهُمْ مَغْفِرَةً وَأَجْراً عَظِيماً) [الفتح: 29].
وفي آيات عديدة ذكرهم الله تعالى وترضى عنهم.
 

ومما جاء في السنة:
   عن أبي هريرة - رضي الله عنه -  قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: (لا تسبوا أصحابي لا تسبوا أصحابي فوالذي نفسي بيده لو أن أحدكم أنفق مثل أحد ذهبا ما أدرك مد أحدهم ولا نصيفه)
(1)
، (وسبب تفضيل نفقتهم أنها كانت في وقت الضرورة، وضيق الحال بخلاف غيرهم، ولأن إنفاقهم كان في نصرته -صلى الله عليه وسلم-، وحمايته، وذلك معدوم بعده، وكذا جهادهم وسائر طاعتهم، وقد قال تعالى: (لا يَسْتَوِي مِنْكُمْ مَنْ أَنْفَقَ مِنْ قَبْلِ الْفَتْحِ وَقَاتَلَ أُولَئِكَ أَعْظَمُ دَرَجَةً)[الحديد:10] وهذا كله مع ما كان فيهم في أنفسهم من الشفقة، والتودد، والخشوع، والتواضع، والإيثار، والجهاد في الله حق جهاده، وفضيلة الصحبة ولو لحظة لا يوازيها عمل، ولا ينال درجتها بشيء، والفضائل لا تؤخذ بقياس ذلك فضل الله يؤتيه من يشاء)(2).
   وقال البيضاوي - رحمه الله تعالى -: (معنى الحديث لا ينال أحدكم بإنفاق مثل أحد ذهبا من الفضل والأجر ما ينال أحدهم بإنفاق مد طعام أو نصيفه، وسبب التفاوت ما يقارن الأفضل من مزيد الإخلاص، وصدق النية)
(3) (مع ما كانوا من القلة، وكثرة الحاجة والضرورة)(4)، وقيل: (السبب فيه أن تلك النفقة أثمرت في فتح الإسلام، وإعلاء كلمة الله ما لا يثمر غيرها، وكذلك الجهاد بالنفوس لا يصل المتأخرون فيه إلى فضل المتقدمين لقلة عدد المتقدمين، وقلة أنصارهم فكان جهادهم أفضل، ولأن بذل النفس مع النصرة، ورجاء الحياة ليس كبذلها مع عدمها)(5).

ومما جاء في فضلهم -رضي الله عنهم- حديث ابن مسعود -رضي الله عنه- عن النبي -صلى الله عليه وسلم - قال: (خير الناس قرني ثم الذين يلونهم ثم الذين يلونهم)
(6) (وإنما صار أول هذه الأمة خير القرون؛ لأنهم آمنوا به حين كفر الناس، وصدقوه حين كذبه الناس، وعزروه، ونصروه، وآووه، وواسوه بأموالهم وأنفسهم، وقاتلوا غيرهم على كفرهم حتى أدخلوهم في الإسلام)(7).

قال شيخ الإسلام ابن تيمية - رحمه الله تعالى- (ومن نظر في سيرة القوم بعلم وبصيرة، وما منَّ الله عليهم به من الفضائل علم يقينا أنهم خير الخلق بعد الأنبياء لا كان ولا يكون مثلهم، وأنهم الصفوة من قرون هذه الأمة التي هي خير الأمم، وأكرمها على الله)(8).

فالواجب على كل مسلم محبتهم ومعرفة قدرهم، والحذر من تنقصهم أو الوقيعة في أعراضهم.

    فوائد الحديث:

 1- التحذير من البطش بالرعية, وبخس حقوقهم، وعدم الاهتمام بهم، كما جاء في الحديث: (اللَّهُمَّ مَنْ وَلِيَ مِنْ أَمْرِ أُمَّتِي شَيْئًا, فَشَقَّ عَلَيْهِمْ فَاشْقُقْ عَلَيْهِ, وَمَنْ وَلِيَ مِنْ أَمْرِ أُمَّتِي شَيْئًا, فَرَفَقَ بِهِمْ فَارْفُقْ بِهِ)(9).

وفي رواية: (مَا مِنْ عَبْدٍ يَسْتَرْعِيهِ اللَّهُ رَعِيَّةً يَمُوتُ يَوْمَ يَمُوتُ وَهُوَ غَاشٌّ لِرَعِيَّتَِه إلا ِ حَرَّمَ اللَّهُ عَلَيْهِ الْجَنَّةَ)(10).

2- مشروعية مناصحة ولاة الأمر، وترغيبهم في العدل وحثهم عليه، وتحذيرهم من الظلم وتنفيرهم منه.


 

(1)    رواه البخاري (3470) ومسلم (2540) واللفظ له.

(2)    شرح مسلم للنووي 16/93 شرح سنن ابن ماجه 1/15 تحفة الأحوذي 10/246.

(3)    فتح الباري 7/34.

(4)    عون المعبود 12/269.

(5)    تحفة الأحوذي 8/338.

(6)    رواه البخاري (2509) ومسلم (2533).

(7)    التمهيد 20/251 فيض القدير 3/ 478.

(8)    العقيدة الواسطية ص 43.

(9)    صحيح مسلم، برقم: (1828).

(10)    صحيح مسلم، برقم: (142).



بحث عن بحث