تبشير الكتب السماوية السابقة به صلى الله عليه وسلم(2)

 

 

2ـ قال تعالى :( الَّذِينَ آتَيْنَاهُمُ الْكِتَابَ يَعْرِفُونَهُ كَمَا يَعْرِفُونَ أَبْنَاءهُمْ وَإِنَّ فَرِيقاً مِّنْهُمْ لَيَكْتُمُونَ الْحَقَّ وَهُمْ يَعْلَمُونَ)[ سورة البقرة / 146 ] .

يخبرنا سبحانه وتعالى أن علماء اليهود يعرفون صفة رسول الله صلى الله عليه وسلم معرفة تامة كما يعرف الواحد منهم ولده الذي لا يشك فيه ، لكنهم يكتمون ذلـك بغيا وحسدا .

يقول الشيخ محمد رشيد رضا في تفسير المنار :" إنهم يعرفون النبي صلى الله عليه وسلم بما في كتبهم من البشارة به ، ومن نعوته وصفاته التي لا تنطبق على غيره وبما ظهر من آياته وآثار هدايته كما يعرفون أبنائهم الذين يتولون تربيتهم حتى لا يفوتهم من أمرهم شيء "(1) .

ثم إن الذين أطلعوا على التوراة يعترفون بأن صفة رسول الله صلى الله عليه وسلم ثابتة فيـها وأنها تنطبق عليه تماما ، لذا سارعوا للدخول في الإسلام كأمثال عبد الله بن سلام وزيد بن سعنه وغيرهما كثير .

يروى أن عمر رضي الله عنه سأل عبد الله بن سلام عن رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال : " أنا أعلم به منىي بابني . قال : ولما ؟ قال : لأني لست أشك في محمد أنه نبي ، فأما ولدي فلعل والدته خانت " فقبل عمر رأسه (2).

3ـ قال تعالى : ( الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الرَّسُولَ النَّبِيَّ الأُمِّيَّ الَّذِي يَجِدُونَهُ مَكْتُوباً عِندَهُمْ فِي التَّوْرَاةِ وَالإِنْجِيلِ يَأْمُرُهُم بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَاهُمْ عَنِ الْمُنكَرِ وَيُحِلُّ لَهُمُ الطَّيِّبَاتِ وَيُحَرِّمُ عَلَيْهِمُ الْخَبَآئِثَ وَيَضَعُ عَنْهُمْ إِصْرَهُمْ وَالأَغْلاَلَ الَّتِي كَانَتْ عَلَيْهِمْ فَالَّذِينَ آمَنُواْ بِهِ وَعَزَّرُوهُ وَنَصَرُوهُ وَاتَّبَعُواْ النُّورَ الَّذِيَ أُنزِلَ مَعَهُ أُوْلَـئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ )[ سورة الأعراف / 157 ] .

فهذه الآية الكريمة تؤكد أن صفات النبي محمد صلى الله عليه وسلم ثابتة في كتب الأنبياء السابقين الذين بشروا أممهم به ليؤمنوا به ويتبعوه ، ولا تزال هذه الصفات مدونة في كتبهم يعرفها علماؤهم إلا أنهم يتواصلون بكتمانها أو يؤولونها تأويلات فاسدة .

لذا كان الرسول صلى الله عليه وسلم يدعوهم إلى اتباعه ويقيم عليهم الحجة بما هو مدون في كتبهم من نعته ومبعثه ، لكنهم يعاندون ويكابرون وتأخذهم العزة بالإثم عن اتباعه .

يقول الإمام الرازي في تفسيره : " وهذا يدل على أن نعته وصحة نبوته مكتوب في التوراة والإنجيل ، لأن ذلك لو لم يكن مكتوبا لكان ذكر هذا الكلام من أعظم المنفرات لليهود والنصارى عن قبول قوله لأن الإصرار على الكذب والبهتان من أعظم المنفرات ، والعاقل لا يسعى فيما يوجب نقصان حاله وينفر الناس عن قبول قوله ، فلما قال ذلك دل هذا على أن ذلك النعت كان مذكورا في التوراة والإنجيل وذلك من أعظم الدلائل على صحة نبوته "(3) .

 


(1)  تفسير المنار جـ2 ص 20 .

(2) الكشاف للزمخشرى جـ 1 ص321 ، تفسير ابن كثير 1/ 194 .

(9) التفسير الكبير ، جـ15 ص 23 .

 



بحث عن بحث