الحلقة (13) مصادر قيم الإسلام الخلقية - المصادر الأصلية-(6-9).

 

 

ثانياً: القرآن:

القرآن في اللغة:

   القرآن من قرأ يقرأ قراءةً وقرآناً, قال الله تعالى: { إِنَّ عَلَيْنَا جَمْعَهُ وَقُرْآنَهُ * فَإِذَا قَرَأْنَاهُ فَاتَّبِعْ قُرْآنَهُ } (1) , أي قراءته, فهو مصدر كالغفران, ثم صار علماً على الكتاب المنزل على محمد صلى الله عليه وسلم.

   قال ابن الأثير(2): (الأصل في هذه اللفظة الجمع, وكل شيء جمعته فقد قرأته, وسمي القرآن قرآناً لأنه جمع القصص والأمر والنهي، والوعد والوعيد, والآيات والسور بعضها إلى بعض).

وقيل: هو اسم لكتاب الله خاص به غير مشتق (3).

القرآن في الاصطلاح:

  لم يرتض جمع من المحققين التكلف في تعريف القرآن بالتعاريف المنطقية بحيث يكون تعريفه حداً حقيقياً له, لأن القرآن من الكلمات الواضحة التي يفهم المراد منها الأميون فضلاً عن غيرهم.

  ولكن ذكر بعضهم كلمات عنه, تميزه عن غيره وتشير على بعض خصائصه, فقيل عنه: إنه كلام الله المنزل على محمد صلى الله عليه وسلم المتعبد بتلاوته(4).

مكانة القرآن:

    القرآن هو أساس الإسلام وينبوعه الأول, وهو مصدر عقائده وعباداته وتعاليمه وآدابه, وسائر أموره, وكل المصادر عداه راجعة إليه, مفتقرة إلى تقريره.

   أكرم الله تعالى به هذه الأمة, ورفع به شأنها, وأعلى به ذكرها {لَقَدْ أَنْـزَلْنَا إِلَيْكُمْ كِتَابًا فِيهِ ذِكْرُكُمْ أَفَلا تَعْقِلُونَ} (5)

   والقرآن هو حبل الله المتين, وصراطه المستقيم, من قال به صدق، ومن حكم به عدل, ومن عمل به أجر, ومن دعا إليه هدى إلى صراط مستقيم, قال تعالى: {قَدْ جَاءَكُمْ مِنَ اللَّهِ نُورٌ وَكِتَابٌ مُبِينٌ، يَهْدِي بِهِ اللَّهُ مَنِ اتَّبَعَ رِضْوَانَهُ سُبُلَ السَّلامِ وَيُخْرِجُهُمْ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ بِإِذْنِهِ وَيَهْدِيهِمْ إِلَى صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ} (6)

  وقال سبحانه: {فَمَنِ اتَّبَعَ هُدَايَ فَلا يَضِلُّ وَلا يَشْقَى * وَمَنْ أَعْرَضَ عَنْ ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنكًا وَنَحْشُرُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَعْمَى} (7)

  أوجب الله تعالى على المؤمنين اتباعه والتحاكم إليه فقال تعالى: { كِتَابٌ أُنْزِلَ إِلَيْكَ فَلاَ يَكُنْ فِي صَدْرِكَ حَرَجٌ مِنْهُ لِتُنْذِرَ بِهِ وَذِكْرَى لِلْمُؤْمِنِينَ * اتَّبِعُوا مَا أُنْزِلَ إِلَيْكُمْ مِنْ رَبِّكُمْ وَلاَ تَتَّبِعُوا مِنْ دُونِهِ أَوْلِيَاءَ قَلِيلاً مَا تَذَكَّرُونَ} (8)

  وقال: { كَانَ النَّاسُ أُمَّةً وَاحِدَةً فَبَعَثَ اللَّهُ النَّبِيِّينَ مُبَشِّرِينَ وَمُنذِرِينَ وَأَنزَلَ مَعَهُمُ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ لِيَحْكُمَ بَيْنَ النَّاسِ فِيمَا اخْتَلَفُوا فِيهِ }(9)  ,وقال تعالى: { وَأَنِ احْكُم بَيْنَهُم بِمَآ أَنزَلَ اللّهُ وَلاَ تَتَّبِعْ أَهْوَاءهُمْ }(10).

  وقال تعالى: {وَمَا اخْتَلَفْتُمْ فِيهِ مِنْ شَيْءٍ فَحُكْمُهُ إِلَى اللَّهِ} (11).

  وقد أنزل الله القرآن هداية للعالمين وشريعة للناس أجمعين, وقال تبارك وتعالى: { تَبَارَكَ الَّذِي نَزَّلَ الْفُرْقَانَ عَلَى عَبْدِهِ لِيَكُونَ لِلْعَالَمِينَ نَذِيراً } (12)

  وقال تعالى: {كِتَابٌ أَنْزَلْنَاهُ إِلَيْكَ لِتُخْرِجَ النَّاسَ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ بِإِذْنِ رَبِّهِمْ إِلَى صِرَاطِ الْعَزِيزِ الْحَمِيدِ} (13)

  وقال تعالى: {قُلْ يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنِّي رَسُولُ اللَّهِ إِلَيْكُمْ جَمِيعاً} (14).

  لذا جاء وافياً بحاجات البشرية, ومطالب الحياة الإنسانية في مختلف الأزمان, وفي شتى الظروف, فيه صلاح الناس ورعاية مصالحهم:{إِنَّ هَـذَا الْقُرْآنَ يِهْدِي لِلَّتِي هِيَ أَقْوَمُ وَيُبَشِّرُ الْمُؤْمِنِينَ الَّذِينَ يَعْمَلُونَ الصَّالِحَاتِ أَنَّ لَهُمْ أَجْراً كَبِيراً} (15)

  تكفل الله تعالى بحفظه كما قال سبحانه: {إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ} (16), فيسر له الحفظة والكتبة, فنقل إلينا متواتراً سالماً من الزيادة والنقصان, والتحريف والتبديل.

  والناس اليوم بأمس الحاجة إلى الاهتداء بهديه, والتحاكم إليه, لتخلص البشرية من ويلاتها, وتقضي على معضلاتها وتنعم بالأمن والاستقرار ورغد العيش.


(1)  سورة القيامة الآيتين 17-18.

(2)  المبارك بن محمد الشيباني الجزري أبو السعادات المحدث اللغوي الأصولي, أخو ابن الأثير المؤرخ وابن الأثير الكاتب: ولد سنة 544 وتوفي سنة 606هـ - ابن الأثير – الكامل 10/350, دار الكتب العلمية, بيروت ط1 سنة 1407هـ.- الأعلام 5/272.

(3)  ابن منظور لسان العرب ج1 ص12 وما بعدها, الفيروز آبادي – القاموس المحيط ج1 ص 24.

(4)  انظر: الآمدي – الأحكام في أصول الأحكام (1/ 128) وما بعدها, الفيروز آبداي – القاموس المحيط (1/24).

(5)  سورة الأنبياء (10).

(6)  سورة المائدة الآيتين 15-16.

(7)  سورة طه الآيتين 123-124.

(8)  سورة الأعراف الآيتين 2-3.

(9)  سورة البقرة الآية (213).

(10)  سورة المائدة (49).

(11)  سورة الشورى (10).

(12)  سورة الفرقان (1).

(13)  سورة إبراهيم (1).

(14)  سورة الأعراف (158).

(15)  سورة الإسراء (9).

(16)  سورة الحجر (9).

 

 



بحث عن بحث