آثار قيم الإسلام الخلقية في النظم (4-6).

 

 

- أما معاملة الآباء للأبناء . فأساسه الرحمة والشفقة والرعاية , وركنها الأعظم العدل بينهم .

أما الرحمة , فعن أبي هريرة رضي الله عنه قال : قبّل رسول الله صلى الله عليه وسلم الحسن بن على وعنده الأقرع بن حابس التميمي جالس , فقال الأقرع : إن لي عشرة من الولد ما قبلت منهم أحدا, فنظر إليه رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم قال: ( من لا يَرحم لا يُرحم)(1).

وأما العدل بين الأولاد , فقد أمر به النبي صلى الله عليه وسلم وبالغ في التحذير من ضده .

فعن النعمان بن بشير(2) رضي الله عنه قال: تصدق عليّ أبي ببعض ماله فقالت أمي: لا أرضى حتى تشهد رسول الله صلى الله عليه وسلم , فانطلق أبي إلى النبي صلى الله عليه وسلم ليشهده على صدقتي, فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم :( أفعلت هذا بولدك كلهم ؟ قال: لا, قال: اتقوا الله واعدلوا في أولادكم) وفي رواية قال: ( فلا تشهدني إذا فإني لا أشهد على جور)(3). والعدل بين الأولاد هو السبيل إلى سلامة صدورهم , وتحصيل برهم , كما جاء في بعض روايات الحديث المتقدم أنه عليه الصلاة والسلام قال: ( أيسرك أن يكونوا إليك في البر سواء ؟ قال: بلى, قال: فلا إذن)(4) أي فلا تفضل أحداً منهم بشيء .

وفي التوجيه للرحمة بالولد – والتي هي في الأصل عميقة في نفوس الوالدين – تنمية لهذا الخلق ورعاية له حتى تصل آثاره الخيرة إلى غيرهما , وكذا القول في خلق العدل .

ولأن عاطفة الرحمة, ووجدان المشاركة يبدآن أولاً في البيت في الأسرة الصغيرة, وقلما ينبثقان في نفس لم تذق طعم هذه العاطفة ولم تجد مسّ هذا الوجدان في المحضن الأول.

-وأما المعاملة بين الأخوة فداخلة في عموم قوله عليه الصلاة والسلام :( لا يؤمن أحدكم حتى يحب لأخيه ما يحب لنفسه)(5) فيعامل الأخ أخاه بما يحب أن يعامله به من رحمة وإحسان وصدق ونصيحة , ونحو ذلك من الأخلاق العالية والسجايا النبيلة .

ومما جاء فيها ما روي من أنس بن مالك رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( ليس منا من لم يرحم صغيرنا, ولم يوقر كبيرنا)(6), فالصغير يرحم لضعفه , والكبير يكرم ويوقر لمكانته وشرف سنه .

وهكذا فالقيم الخلقية هي ركيزة التعامل بين أفراد الأسرة , وعلى قدر الالتزام بها يتحقق للأسرة الطمأنينة والسعادة والهناء .


(1) متفق عليه, أخرجه البخاري، في الأدب، باب رحمة الولد وتقبيله ومعانقته، رقم (5997)، وأخرجه مسلم، في الفضائل، باب رحمته صلى الله عليه وسلم الصبيان والعيال وتواضعه وفضل ذلك ، رقم (2318).

(2) النعمان بن يشير بن سعد بن ثعلبة الأنصاري , الخزرجى , سكن الشام , ثم ولي امرة الكوفة , ثم قتل بحمص سنة 65 ه . أسد الغابة( 4/550). تقريب التهذيب 563.

(3) متفق عليه, أخرجه البخاري، في الشهادات، باب لا يشهد على شهادة جور إذا أشهد، رقم (2650)، وأخرجه مسلم، في الهبات، باب كراهة تفضيل بعض الأولاد في الهبة، رقم (1623).

(4) رواه مسلم، في الهبات، باب كراهة تفضيل بعض الأولاد في الهبة، رقم (1623).

(5) متفق عليه, أخرجه البخاري، في الإيمان، باب من الإيمان أن يحب لأخيه ما يحب لنفسه، رقم (13)، وأخرجه مسلم، في الإيمان، باب الدليل على أن من خصال الإيمان أن يحب لأخيه المسلم ما يحب لنفسه من الخير، رقم (72).

(6) رواه الترمذي , المباركفوري – تحفة الأحوذي (6/47) الألباني , صحيح الجامع الصغير وزيادته (5 /103 )

 



بحث عن بحث