تاريخ الحديث الموضوعي (1-4)

 

أولاً: لمحة مختصرة عن نشأة علوم السنة وتغييرها:

1-السنة في العهد النبوي: كان الوحي ينزل على النبي صلى الله عليه وسلم فيبلغ الناس ما نزل عليهم من ربهم وقد أخبر النبي ه أنه أوتي القرآن ومثله معه بقوله صلى الله عليه وسلم: (ألا إني أوتيت القرآن ومثله معه)(1)وهي السنة المطهرة فعلم الصحابة أن لها مكانها من الدين وحرصوا عليها كما حرصوا على القرآن الكريم فكانوا يأخذون عن النبي صلى الله عليه وسلم ويحفظون في صدورهم وقليل منهم من كان يعرف الكتابة ومن كان كذلك كان يكتب كما وقع من عبد الله ابن عمرو بن العاص م حيث قال أبو هريرة رضي الله عنه: (ما من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم أكثر حديثاً مني إلا ما كان من عبد الله بن عمرو فإنه كان يكتب ولا أكتب) (2).

وكان هناك ثلاثة من الصحابة رضي الله عنهم اشتهرت عنهم أحاديث عن النبي صلى الله عليه وسلم فيها كراهة كتابة الحديث وهم:

1- ما رواه أبو سعيد الخدري رضي الله عنه قال: (لا تكتبوا عني ومن كتب عني غير القرآن فليمحه)(3)

2- ما رواه أبو هريرة:أن النبي صلى الله عليه وسلم بلغه أن ناساً قد كتبوا حديث فجمعه وأحرقه(4)

3- ما رواه زيد بن ثابت رضي الله عنه: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أمر أن لا يكتب شيء من حديثه(5)

فأخذ بعض أهل العلم من هذه الأحاديث أن كتابة السنة محظورة, لكن أجيب عنها بما يلي:

أما رواية أبي هريرة فضعيفة، وقد جاءت من طريق عبد الرحمن بن زيد عن أبيه، وروايته منكرة، كما قال الذهبي وغيره (6)

وأما حديث زيد فضعيف أيضاً للانقطاع ويبقى حديث أبي سعيد فهو صحيح, لكن قال ابن حجر: (ومنهم من أعل حديث أبي سعيد وقال الصواب وقفه على أبي سعيد, قاله البخاري وغيره) (7)

وعلى فرض صحة الرواية فليجمع بينها وبين ما ورد عن بعض الصحابة من كتابتهم وما ورد من إذن النبي صلى الله عليه وسلم  لعبد الله بن عمرو رضي الله عنه بالكتابة(8) ومكاتبته للملوك والحكام وقوله في حجة الوداع: (اكتبوا لأبي شاة) (9), فللجمع مذاهب أهمها:

1- أن أحاديث النهي منسوخة بأحاديث إباحة الكتابة.

2- أن النهي كان عاماً والإذن كان خاصاً بمن طلب ذلك.

3- أن النهي خاص بكتابة غير القرآن مع القرآن خشية الالتباس بينهما(10), لكن الإجماع فيما بعد استقر على الكتابة.

وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.


(1) أخرجه أبو داود 4/ 328 رقم 4606  كتاب السنة، باب في لزوم السنة، وأحمد 2/ 330 رقم 8369 . وهو حديث صحيح.

(2) أخرجه البخار في صحيحه 1/ 39 رقم 113 . كتاب العلم، باب كتابة العلم .

(3) أخرجه مسلم 3/ 2298 رقم 3004 كتاب الزهد، باب التثبت في الحديث.

(4) تقييد العلم ص/ 19

(5) المرجع السابق 21

(6) الجرح والتعديل 2/233، ميزان الاعتدال 2/564، وكل هذه الروايات ضعيفة لضعفه.

(7) الفتح 1/208

(8) كان عبد الله بن عمرو بن العاص م يكتب، فكانت عنده صحيفة يسميها الصادقة، وقد روى البخاري 1/ 39 130 عن أبي هريرة ط أنه قال: لم يكن أحد أكثر حديثا مني إلا ما كان من عمرو بن العاص، فإنه كان يكتب ولا أكتب.

(9)أخرجه البخاري 3/ 165 رقم 2434 كتاب اللقطة، باب كيف تعرف لقطة أهل مكة.

(10) للاستزادة راجع دراسات في الحديث النبوي 1/76-83

 



بحث عن بحث