(الممسوخ لا يتناسل(2ـ2))
الاستدلال :
استدل بهذا الحديث ، الدكتور/ محمد علي البار في كتابه (خلق الإنسان....)(1)، والدكتور/ حامد محمد حامد في كتابه (رحلة الإيمان....)(2)، ومحمد كامل عبدالصمد في كتابه (الإعجاز العلمي في الإسلام...)(3)؛ على أنه يوافق ما أثبته العلم من أن الأجنة التي تولد ممسوخة ، تولد ميتة ، أو تعيش لبضعة أيام ثم تموت .
قال الدكتور/ محمد علي البار: "والأجنة التي تولد ممسوخة ، إما أن تولد ميتة ، أو تعيش لبضعة أيام ثم تموت، وإذا كانت الإصابة أخف ، مثلما يكون في حالة (ترنر TURNER) – الذي لا يوجد فيها إلا كروموسوم (صبغ أو جسيم ملون) واحد للجنس ، وهو كروموسوم (X)– فإن صاحبة هذه الحالة تظهر كأنثى ، ولكنها لا تحمل ولا تلد مطلقاً .
وكذلك حالة (كلينفلتر KLEINFELTER)، حيث يكون كروموسوم الجنس على هيئة (XXY) ، أي يحمل شارتي الأنوثة ، وشارة واحدة للذكورة ، فيكون صاحب هذه الحالة ، ذكراً في الشكل ، ولكنه بارد الهمة ، خائر العزيمة ، تبدو عليه آثار الأنوثة ، وهو عِنِّين وعقيم"(4). اهـ.
قال محمد كامل عبدالصمد – بعد أن نقل كلام الدكتور/ البار – : " من ذلك كله، يتبين لنا الإعجاز العلمي فيما أخبر به رسول الله صلى الله عليه وسلم ، منذ أربعة عشر قرناً من الزمان، وقرره العلم الآن". اهـ.
أما الدكتور/ حامد ففي كلامه تعميم أكثر ، قال : " إن البالغين الذين يعانون من تشوهات خلقية ، سواء كانوا ذكوراً أو إناثاً ، لا يُنجبون أبداً عند تزاوجهم ، ومن أمثلة ذلك..."، وذكر المثالين السابقين.
التعليق :
المَسْخُ : هو قلب الصورة الحسنة إلى صورة قبيحة ، وهذا التعريف هو ما تدل عليه نصوص الكتاب والسنة ، وهو الموجود في بعض المعاجم ، قال ابن فارس : " المسخ يدل على تشويه ، وقلة طعم الشيء ، ومسخه الله : شوه خلقه من صورة حسنة إلى قبيحة ، ورجل مسيخ: لا ملامح له ، وطعام مسيخ: لا ملح له ولا طعم "(5). اهـ.
وقال ابن الأثير : "المسخ: قلب الخلقة من شيء إلى شيء"(6)، هكذا دون تقييد بالقبح أو غيره.
وفي كلا التعريفين نجد أن الممسوخ هو: ما كان على صورة ، ثم غُيِّرَ إلى أخرى ، وبناء على هذا ، فلا تدخل الأمثلة التي ذكروها في مسمى المسخ ، لأنها لم تحول من صورة إلى أخرى ، بل خلقت هكذا أصلاً ، والله أعلم .
ثم وقفت على تعريف الأزهري للمسخ ، حيث قال : " المسخ تحويل خلق إلى صورة أخرى ، مسخه الله قرداً يمسخه ، وهو مسخ ومسيخ ، وكذلك المشوه الخلق "(7). اهـ.
فهو يعتبر المشوه الخلق ممسوخاً ، فعلى كلامه يمكن قبول ما ذكره المستدلون من أمثلة للمسخ ، والله أعلم .
أما قول الدكتور/ حامد أحمد حامد : " إن البالغين الذين يعانون من تشوهات خلقية... "، فأرى أنه يحتاج إلى تقييد، فليس كل مشوه عقيم.
(1) - خلق الإنسان بين الطب والقرآن، ص (407، 408).
(2) - رحلة الإيمان في جسم الإنسان، ص (23)، وقد أورد لفظ مسلم أيضاً، ولم أقف على هذا الكتاب إلا بعد كتابة التخريج، ويظهر أنه نقل من الدكتور/ البار حيث إنه وقع في الخطأ نفسه حين نسب الحديث إلى عائشة رضي الله عنها.
(3) - الإعجاز العلمي في الإسلام – السنة النبوية – ص (177).
(4) - خلق الإنسان بين الطب والقرآن، ص (408، 409). ولمزيد معرفة الحالتين اللتين ذكرهما الدكتور/ محمد علي البار، انظر ص (504، 505) من كتابه خلق الإنسان....
(5) - معجم مقاييس اللغة (5/323)، ونحوه في القاموس، بترتيب الزاوي (4/240)، ولسان العرب (6/4198).
(6) - النهاية (4/329)، ونحوه في المصباح المنير، ص (572).
(7) - تهذيب اللغة (7/196، 197).