المبحث الرابع : صفة ماء الرجل، وماء المرأة، وبيان أثرهما في خلق الجنين، والشبه، والإذكار والإيناث ( 5 )

 

9 – وأما حديث ابن عباس، فله عنه ثلاث طرق:

      الأولى: عبد الحميد بن بهرام، عن شهر بن حوشب، عنه قال: حضرت عصابة من اليهود – يعني رسول الله صلى الله عليه وسلم – يوماً، فقالوا: يا أبا القاسم، حدثنا عن خلال نسألك عنهن، لا يعلمهن إلا نبي. قال: «سلوني». قالوا: أخبرنا عن أربع خلال نسألك عنهن، أخبرنا كيف ماء المرأة من ماء الرجل؟ وكيف يكون الذكر منه؟ وكيف تكون الأنثى؟. قال: «فأنشدكم بالله الذي لا إله إلا هو، الذي أنزل التوراة على موسى، هل تعلمون أن ماء الرجل أبيض غليظ، وأن ماء المرأة أصفر رقيق، فأيهما علا، كان له الولد والشبه، بإذن الله. [فإنْ] (1) علا ماء الرجل على ماء المرأة؛ كان ذكراً بإذن الله، وإن علا ماء المرأة على ماء الرجل كان أنثى بإذن الله»؟. قالوا: اللهم نعم، قال: «اللهم أشهد عليهم». الحديث.

      أخرجه الطيالسي(2)، وابن سعد(3) – واللفظ له – وأحمد(4)، والطبري(5)، والطبراني(6)، والبيهقي في الدلائل(7). كلهم من طرق عن عبد الحميد ابن بهرام، به.

     

وفي إسناده شهر بن حوشب، قال فيه الحافظ: (صدوق، كثر الإرسال والأوهام) (8).

 

الثانية: عبد الله بن الوليد العجلي، عن بكير بن شهاب، عن سعيد بن جبير، عنه نحوه بشيء من الاختصار في لفظ الشاهد منه.

      أخرجه أحمد(9)، والنسائي – في الكبرى –(10) والطبراني(11)، وأبو نعيم(12)،

 

كلهم من طريق عبد الله بن الوليد العجلي، به.

      وأخرج منه الترمذي ذِكْرَ الرعد، وما حرّم إسرائيل على نفسه(13)، فقط.

 

وقال: "حسن غريب".

      وقال أبو نعيم: "غريب من حديث سعيد، تفرد به بكير".

      وبكير هو ابن شهاب الكوفي، قال فيه الحافظ: (مقبول)(14)،وقد توبع.

 

الثالثة: إبراهيم بن طهمان، عن مسلم، عن مجاهد، عنه، قال: أتى رسول الله  صلى الله عليه وسلم نفر من اليهود، فقالوا: إن أخبرنا بما نسأله عنه، فهو نبي، فقالوا: من أين يكون الشبه يا محمد؟. قال: «إنَّ نطفة الرجل بيضاء غليظة، ونطفة المرأة صفراء رقيقة، فأيهما غلبت صاحبتها فالشبه له، وإن اجتمعا كان منها ومنه». قالوا: صدقت.

      أخرجه البزار(15)، وأبو الشيخ(16)، كلاهما من طريقين عن إبراهيم بن طهمان، به.

      قال البزار: "لا نعلمه يروي عن ابن عباس إلا من هذا الوجه، وقد رُوى نحوه عن غيره من وجوه، وفي حديث ابن عباس زيادة".

     

ولعله يقصد بالزيادة: قوله: «وإن اجتمعا كان منها ومنه». وإلا فقد جاء نحوه من وجهين آخرين عنه – كما تقدم – دون هذه الزيادة.

      ولم أقف على ترجمة شيخ البزار، واسمه: السكن بن سعيد، ولا شيخ أبي الشيخ، واسمه: أحمد بن الحسن(17).

      

 والراوي عن مجاهد لم يتبين لي، أهو (مسلم البطين)، أم (مسلم الملائي الأعور)، فكلاهما رويا عن مجاهد، والأول ثقة، والثاني (ضعيف) (18).

 


(1) -   في الطبقات (وإنْ) والأولى ما ذكرته، وهو الذي عند الطيالسي، وعند أحمد (إنْ).

(2) -   مسند الطيالسي ص (356، 357ح 2731).

(3) -   الطبقات الكبرى (1/174، 175).

(4) -    المسند (1/273).

(5) -    تفسير الطبري (جامع البيان...) (1/431، 432).

(6) -    المعجم الكبير (12/246، 247ح 13012).

(7) -    دلائل النبوة (6/266، 267).

(8) -    تقريب التهذيب ص (269).

(9) -    المسند (1/274).

(10) -  السنن الكبرى – عشرة النساء – ص (163، 164ح 187).

(11) -  المعجم الكبير (12/45، 46ح 12429).

(12) -  الحلية (4/304، 305).

(13) -  سنن الترمذي – كتاب التفسير – باب ومن سورة الرعد (5/274ح 3117).

(14) -  تقريب التهذيب ص (128).

(15) - كشف الأستار (3/119ح 2375).

(16) -  العظمة (5/1632ح 1075).

(17) -  قال محقق كتاب العظمة أن في نسخة من النسخ زيادة (الجنيد) بعد الحسن.

(18) -  تقريب التهذيب ص (530).

 

 



بحث عن بحث