مواطن انحراف الخوارج عن السنة (5-7)

 

7ـ وخالفوا السنة وإجماع الأمة في مسألة منع الجمع بين إمرة وخالتها أو عمتها كما يثبت ذلك قول الرسول صلى الله عليه وسلم : " لا تنكح المرأة على عمتها أو خالتها" كما لم يلتزموا بسنة الرسول صلى الله عليه وسلم التي تقول بالتحريم بالرضاع ما يحرم بالنسب، وكان معولهم في هذه المخالفة ظاهر النص القرآني الذي يقول فيه الله تعالى :  {حُرِّمَتْ عَلَيْكُمْ أُمَّهَاتُكُمْ وَبَنَاتُكُمْ وَأَخَوَاتُكُمْ وَعَمَّاتُكُمْ وَخَالاَتُكُمْ وَبَنَاتُ الأَخِ وَبَنَاتُ الأُخْتِ وَأُمَّهَاتُكُمُ اللاَّتِي أَرْضَعْنَكُمْ وَأَخَوَاتُكُم مِّنَ الرَّضَاعَةِ وَأُمَّهَاتُ نِسَآئِكُمْ وَرَبَائِبُكُمُ اللاَّتِي فِي حُجُورِكُم مِّن نِّسَآئِكُمُ اللاَّتِي دَخَلْتُم بِهِنَّ فَإِن لَّمْ تَكُونُواْ دَخَلْتُم بِهِنَّ فَلاَ جُنَاحَ عَلَيْكُمْ وَحَلاَئِلُ أَبْنَائِكُمُ الَّذِينَ مِنْ أَصْلاَبِكُمْ وَأَن تَجْمَعُواْ بَيْنَ الأُخْتَيْنِ إَلاَّ مَا قَدْ سَلَفَ إِنَّ اللّهَ كَانَ غَفُوراً رَّحِيماً } [النساء23] فقالوا : ( لم يذكر الكتاب الكريم الجمع بين المرأة وعمتها وخالتها ولم يحرم من الرضاع إلا الأم المرضعة والأخت بالرضاع ، ثم قال : " {وَأُحِلَّ لَكُم مَّا وَرَاء ذَلِكُمْ }النساء24" ، فدخلت المرأة على عمتها وخالتها وكل رضاع سوى الأم والأخت فيما أحله الله ) (1).

بل ذهب العجاردة والميمونية إلى جواز ( نكاح بنات البنات وبنات البنين وبنات أولاد الأخوة والأخوات ، وقالوا : إن الله تعالى : حرم نكاح البنات وبنات الأخوة والأخوات  ، ولم يحرم نكاح أولاد هؤلاء )(2).

وهم بهذا المسلك وهذا التفسير المتعسف للقرآن مع الإعراض عن السنة المبينة له يكونون قد خالفوا إجماع الأمة حول منع الجمع بين المرأة وخالتها أو عمتها ، وما يلحق بهما من بنات البنات وبنات البنين وغيرهن مما هو مفضل في كتب الفقه والحديث ، لما في ذلك من قطع للأرحام (3).

يقول القرطبي : ( اختار الخوارج الجمع بين الأختين وبين المرأة وعمتها وخالتها ، ولا يعتد بخلافهم ، لأنهم مرقوا من الدين ) . ويعلق ابن حجر العسقلاني على هذا المعنى بقوله : ( وفي نقله عنهم جواز الجمع بين الأختين غلط بين فإن عمدتهم التمسك بأدلة القرآن لا يخالفونها البتة ، وإنما يردون الأحاديث لاعتقادهم عدم الثقة بنقلتها ) (4) .


 


(1) التفسير والمفسرون 2 / 314 وحديث تحريم نكاح المرأة على عمتها أو خالتها رواه البخاري ـ النكاح ـ باب لا تنكح المرأة على عمتها عدد الحديث 5108 ؛ 5110 ـ متن فتح الباري 9 / 160 ـ ورواه مسلم ـ النكاح ـ باب تحريم الجمع بين المرأة وعمتها أو خالتها في النكاح: 2 / 1028 ـ وجاء في البخاري قول عائشة موقوفا : حرموا من الرضاعة ما يحرم من النسب ـ النكاح متن فتح الباري 9 / 160 .  

(2) الفرق بين الفرق 96 ـ والملل والنحل 1 / 129 .

(3) انظر ما يلحق بالعمة والخالة في فتح الباري 11 / 5 ـ 58 وقد جاء عن الرسول في تعليل النهي عن تزوج المرأة على العمة والخالة قوله : ( إنكم إذا فعلتن ذلك قطعتن أرحامكن ) .

(4)فتح الباري 11 / 65 .



بحث عن بحث