الطاعنون في السنة - قديما وحديثا - (2-2)

 

انتهينا في الحلقة السابقة إلى ذكر الأمر الأول في أهمية دراسة الفرق التي طعنت في السنة، ونستكمل في هذه الحلقة بقية الأمور، فأقول:

 

ثانياً:

إن دراسة تلك الفرق يكشف لنا جذور البلاء الذي شتت قوى المسلمين، وفرقهم شيعا، وجعل بأسهم بينهم شديدًا، كما يكشف لنا جذور شبهات أعداء السنة في الوقت الحاضر.(1)

 

ثالثاً:

إن الفرق التي ظهرت قديما ما من فرقة منها إلا وقد قامت مبادئها علي بعض المنكرات ، وهي تدعي أنها المحقة وما عداها علي الضلال ، فألبسوا الحق بالباطل ، وأظهروا مروقهم وخروجهم عن منهج الكتاب والسنة في أثواب براقة؛ لترويج بدعهم، والدعوة لها .

فتأتي دراسة تلك الفرق لبيان أضرارها علي العقيدة الإسلامية، ووحدة الأمة ، وردًا على من يزعمون أن الخوارج كانوا من الصحابة ، وأن المعتزلة ــ وهم كانوا من الصحابة والتابعين ــ رفضوا السنة في العقائد، كما رفضها الخلفاء الراشدون والخوارج ، بل يزعمون - زيادة على ما سبق- أنهم هم الذين نقلوا القرآن ، ونقلوا شعائر الدين قبل إقرار مذهب السلف في ديار المسلمين .(2)

 

رابعاً:

إن عدم دراسة الفرق، والرد عليها، وإبطال الأفكار المخالفة للحق ، فيه إفساح المجال للفرق المبتدعة أن تفعل ما تريد ، وأن تدعوا إلى ما تريد، من بدع وخرافات، دون أن تجد من يتصدى لها بالدراسة والنقد، كما هو الواقع ، فإن كثيرا من طلاب العلم ـــ فضلا عن عوام المسلمين ــ يجهلون أفكار فرق يموج بها العالم ، وهي تعمل ليلا ونهارا علي نشر باطلها ، ولعل هذه الغفلة من المسلمين عن التوجه لكشف هذه الفرق المارقة من تخطيط أولئك المارقين، الذين يحلوا لهم حجب الأنظار عنهم، وعن مخططاتهم الإجرامية ، ولا أدل على ذلك من تلك الأفكار، وبعض العبارات التي يرددها كثير من المسلمين في كثير من المجتمعات الإسلامية، دون أن يعرفوا أن مصدرها، إما من الخوارج، مثل قولهم لا حجة في شيء من أحكام الشريعة إلا من القرآن، أما السنة فلا حجة فيها، ومثل استحلال دماء المسلمين لأقل شبهة، وتكفير الشخص، بل المجتمعات الإسلامية بأدنى ذنب، أو من المعتزلة، مثل تمجيد العقل، وتحكيمه في نصوص الشرع قرآنا وسنة، فما وافقه قُبِلَ، وإلا فيرد، أو من الشيعة،مثل تكفير الصحابة أو بعضهم، واتهامهم بالكذب، والخوض في فتنة عثمان، وعليٍّ، ومعاوية ــ رضوان الله على الجميع-، أو من البهائية، مثل تقديس العدد تسعة عشر، إلي غير ذلك.

 

ومن المعلوم أن ذلك إنما يعود إلي الجهل بأفكار وأهداف هذه الفرق التي أضلت كثيرًا من شباب هذه الأمة في كثير من المجتمعات الإسلامية، قديما وحديثا . من هنا تأتي أهمية دراسة الفرق، وكشف القناع عن أهوائها وبدعها ، ليكون ذلك الكشف نورًا يضئ لشباب الأمة طريقه وسط هذا الظلام الفكري المفتعل من قبل ذيول تلك الفرق، التي تعمل في الظلام؛ لنشر أفكارها ، وفرض مخططاتها المعادية للإسلام .(3)

 


 


(1) - انظر : السنة في كتابات أعداء الإسلام ( 1 / 73 ) .

(2) - انظر : كشف الشبهات عن الشيخ الغزالي ص 63 ، 77 ، 94 .

(3) - انظر : فرق معاصرة تنتسب إلى الإسلام، وموقف الإسلام منها ( 1 / 22 ــ 26 ) .

 

 

 



بحث عن بحث