السنة اصطلاحًا( 1- 2 )

 

 يختلف تعريف السنة في الاصطلاح تبعاً لاختلاف أغراض العلماء من بحوثهم حسب تخصصاتهم المختلفة، وفيما يلي تعريفها

 عند المحدثين، والأصوليين، والفقهاء.

السنة في اصطلاح المحدثين:

للمحدثين تعريفات متعددة للسنة، من هذه التعريفات:

1- هي أقواله - صلى الله عليه وسلم- وأفعاله، وتقريراته، وصفاته الخَلْقِيَّةِ، والخُلُقِيَّةِ، وسائر أخباره سواء كان ذلك قبل البعثة أم بعدها.

         هذا هو المشهور عند جمهور المحدثين، وكأن السنة عندهم خاصة بالحديث المرفوع فقط، أما الموقوف والمقطوع فلا.

        ولعل سند هؤلاء فيما ذهبوا إليه هو: تسمية النبي - صلى الله عليه وسلم- لكل ما جاء به في مقابلة القرآن بالسنة، مثل قوله في خطبته في حجة الوداع: (يا أيها الناس إني قد تركت فيكم ما إن اعتصمتم به فلن تضلوا أبداً: كتاب الله وسنتي)(1).

         وعلى هذا القول يحمل تسمية كثير من المحدثين لكتبهم في الحديث باسم السنن مثل:سنن أبي عيسى الترمذي المتوفي سنة 279هـ، وسنن الإمام أبي داود السجستاني المتوفي سنة 275هـ، وسنن النسائي المتوفي سنة 303هـ، وسنن ابن ماجه القزويني المتوفي سنة 373هـ، أو سنة 275هـ.

2-وقيل: هي – أي السنة – أقواله - صلى الله عليه وسلم-، وأفعاله، وتقريراته، وصفاته الخَلقية والخُلقية، وسائر أخباره سواء كان ذلك قبل البعثة أم بعدها،وكذلك أقوال الصحابة وأفعالهم.

         وممن ذهب إلى هذا القول الإمام أبو حنيفة النعمان بن ثابت -رضي الله عنه- المتوفي سنة 150هـ، فقد ورد عنه أنه قال:" ما جاءنا عن الصحابة اتبعناهم، وما جاءنا عن التابعين زاحمناهم ".

         وقال: " إذا لم أجد في كتاب الله ولا سنة رسوله أخذت بقول أصحابه من شئت، وأدع قول من شئت، ثم لا أخرج عن قولهم إلى قول غيرهم "(1).

         وكأن السنة عند أبي حنيفة مخصوصة بالمرفوع والموقوف فقط، أما ما عداهما من المقطوع فلا، ولعل سنده فيما ذهب إليه قول - صلى الله عليه وسلم-: (فعليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين المهديين عضوا عليها بالنواجذ)(1).

3- وقيل: هي – أي السنة – أقواله - صلى الله عليه وسلم-، وأفعاله، وتقريراته، وصفاته الخلقية، والخلقية، وسائر أخباره، سواء كان ذلك قبل البعثة أم بعدها، وكذلك أقوال الصحابة والتابعين، وأفعالهم.

        وممن ذهب إلى هذا القول الحافظ أبو بكر أحمد بن الحسين المعروف البيهقي المتوفى سنة 458هـ، حيث أسمى كتابه – الذي جمع فيه ما جاء عن النبي - صلى الله عليه وسلم- وفتاوى الصحابة والتابعين وأفعالهم –بالسنن الكبرى، وكأن السنة عنده تشمل: المرفوع، والموقوف، والمقطوع.

        ولعله استند فيما ذهب إليه إلى: أن الصحابة خالطوا رسول الله - صلى الله عليه وسلم-، وشاهدوا الوحي والتنـزيل، وكذلك خالط التابعون الصحابة وجالسوهم، وسمعوا منهم، فكان قولهم وفعلهم أولى بالقبول من غيرهم، وأصبح داخلاً في مفهوم السنة.

 


 



(1)      
الحديث أخرجه مالك في الموطأ بلاغاً، كتاب القدر، ص: 561، ط: الشعب، قال الزرقاني في شرحه للموطأ ( 4/246): "إن بلاغة صحيح كما قال ابن عيينة "، وقد أسنده ابن عبد البر في التمهيد من حديث أبي هريرة، وحديث عمرو بن عوف،وقال: " هذا حديث مشهور عن النبي - صلى الله عليه وسلم-عند أهل العلم، شهرة يكاد يستغنى بها عن الإسناد "، ينظر: ( فتح المالك بترتيب التمهيد لابن عبد البر على موطأ مالك (9/282-283 )، وأخرجه الحاكم في المستدرك ( رقم 931 ) وصححه، ووافقه الذهبي ".
(2)       أصول السرخسي ( 1/313).
(3)       الحديث أخرجه الترمذي في السنن،كتاب العلم، باب ما جاء في الأخذ بالسنة واجتناب البدع رقم (2676)، وقال: حديث حسن صحيح، وأبو داود في السنن، كتاب السنة، باب لزوم السنة، رقم ( 4607 )، وابن ماجه في السنن، المقدمة، باب اتباع سنة الخلفاء الراشدين المهديين رقم ( 42، 43 )، والإمام أحمد في المسند ( 4/126، 127) كلهم من حديث العرباض بن سارية -رضي الله عنه-.

 

 

 

 



بحث عن بحث