القاعدة الثانية : وضوح الرؤية والهدف (4-7)

 

 

مواصفات الهدف أو ضوابط الهدف الصحيح

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه ومن والاه، وبعد،،،،،

ففي هذه الحلقة نبين: مواصفات الهدف أو ضوابط الهدف الصحيح:

لكي يحقق الداعية هدفه من دعوته، ويصل إلى ما يصبوا إليه فعليه أن يحدد هدفه وفق مواصفات واضحة يمكن إجمالها فيما يلي:

1- أن يكون الهدف شرعيًا بذاته فلا يقوده حماسة معينة، أو خطأ اجتماعي، أو بعد كثير من الناس عن الهدى، أو عمل جاد لأهل الباطل، أو غير ذلك من العوامل إلى أن يجعل هدفه غير شرعي.

ومثال ذلك كأن يجعل هدفه تتبع أهل الباطل فيقوده ذلك إلى القدح فيما لا يُقدحون فيه، أو نقد ذواتهم، فهذا انحراف عن الهدف الشرعي إلى هدف غير شرعي.

ومثال آخر: أن يكون هدفه الإصلاح العام لكن يحدد هدفه الموصل إلى هذا الهدف بتدمير منشأة أو قتل معصوم.

ومثال آخر: أن يكون هدفه تربية الشباب على الخير، ونقلهم من حياة اللهو والعبث والضياع، فيحدد للوصول إلى ذلك أهدافًا أخرى منها: التساهل في السلوكيات الشرعية مثل سماع المعازف والجلوس في مجالس الغيبة النميمة بحجة استمالة قلوبهم.

ومثال آخر: أن يكون هدف الداعية رعاية الأيتام والأرامل فيحدد هدفًا للوصول إلى ذلك هو جمع المال ولو كان من الحرام فيتساهل في ذلك في ذلك حتى يصل إلى تكوين جمعية الأيتام.

فهذه نماذج لأهداف جزئية تحرف الداعية عن الأهداف الصحيحة وتوقعه في محظورات متنوعة في دعوته دنيا وأخرى (1) .

2- أن يكون الهدف واقعيًا وممكن التطبيق، فلا يكون خياليًا أو فوق طاقة الداعية، أو يجنح نحو مثالية لا يتصور تطبيقها في الواقع، أو يقلد آخرين تختلف إمكاناتهم عن إمكاناته، ووسائلهم المتاحة لديه تختلف عن وسائلهم ونحو ذلك.

مثل: أن يكون هدفه نشر العلم الشرعي فيجعل من نفسه مفتيًا أو موجهًا أو معلمًا شرعيًا وهو لم يتأهل التأهل الشرعي بحجة أن النبي صلى الله عليه وسلم  قال: «بلغوا عني ولو آية»، ومن ثم تراه يخبط في الأحكام الشرعية، ويتناقض فيها، ويتخذ المواقف من الأحداث مبنية على مجرد الحماسة، أو الهوى، أو نظرية العقلية المجردة.

ولا أبالغ إذا قلت إن كثيرًا من الفشل الواقع في بعض الدعوات ومن بعض الدعاة هو بسبب هذا الأمر.

3- أن يكون الهدف أو الغاية سليمة من حيث تطبيقها فلا تتعارض مع غيرها، ولا تضر غيره.

ومعنى ذلك أن الهدف قد يكون مباحًا، بل ومأمورًا به شرعًا لكنه يتعارض مع غيره عند تطبيقه، أو يضر بغيره، وذلك مثل أن يكون هدفه تربية النشئ على تحفيظ القرآن الكريم أو تعليمهم مبادئ الدين ، لكن هذا الداعية قد يحدد هذا الهدف مع معارضة هؤلاء النشئ لوالديهم، فيتعلق هذا النشئ بهذا المربي مع وقوعه في كبيرة من كبائر الذنوب وهو عقوق الوالدين.

ومثال آخر: أن يكون هدف الداعية أمرًا بمعروف أو نهيًا عن منكر لكنه يتعدى بهما إلى الضرب أو الإيذاء وهو ليس من سلطته ذلك.

وبناء على ما سبق يجب أن يكون هدف الدعوة والداعية شرعيًا، وواقعيًا، وممكن التطبيق، ولا يتعارض مع غيره حتى يصل إلى تحقيقه بإذن الله تعالى.

وسنبدأ في الحلقة التالية بإذن الله تعالى ببيان: ركائز الداعية في تحقيق أهداف الدعوة.

وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.


(1)  لا يخفى أن الأهداف الجزئية قد يسميها البعض وسائل، والمهم إذا عرف المقصود فلا مشاحة في السميات.

 



بحث عن بحث