لأجــــل العفــــة

 

سادساً: النهي عن الاختلاط: فالاختلاط منهي عنه في أعظم العبادات وهي الصلاة فللرجال صفوف وللنساء صفوف وفي الحديث: (خير صفوف الرجال أولها وخير صفوف النساء آخرها)(1)، وقد خص النبي - صلى الله عليه وسلم - النساء بيوم يعلمهن فيه أمور دينهن حتى لا يحتجن إلى الاختلاط لطلب العلم، وكان يقول لهن عليكم بحافات الطريق(2)، حتى لا يختلطن بالرجال. ولا يخفى ما للمباعدة بين الرجال والنساء من الحفاظ على عفة المجتمع وسلامته من الفساد.

سابعاً: النهي عن الخلوة قال عليه الصلاة والسلام: (لا يخلون رجل بامرأة إلا كان الشيطان ثالثهما)(3).

ثامناً: شرع الاستئذان قال سبحانه: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَدْخُلُوا بُيُوتاً غَيْرَ بُيُوتِكُمْ حَتَّى تَسْتَأْنِسُوا وَتُسَلِّمُوا عَلَى أَهْلِهَا ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ)(4). قال القرطبي رحمه الله: (لما خصص الله سبحانه ابن آدم الذي كرمه وفضله بالمنازل، وسترهم فيها عن الأبصار، وملّكهم الاستمتاع بها على الانفراد، وحجر على الخلق أن يطلعوا على ما فيها من خارج أو يلجوها من غير إذن أربابها، أدّبهم بما يرجع إلى الستر عليهم لئلا يطلع منهم على عورة...سواء كان الباب مغلقاً أو مفتوحاً ؛ لأن الشرع قد أغلقه بالتحريم للدخول حتى يفتحه الإذن من ربه، بل يجب عليه أن يأتي الباب ويحاول الإذن على صفة لا يطّلع منه على البيت لا في إقباله ولا في انقلابه)(5)، وشرع الاستئذان أيضاً للأطفال على آبائهم في ثلاث أوقات كما في قوله سبحانه: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لِيَسْتَأْذِنْكُمْ الَّذِينَ مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ وَالَّذِينَ لَمْ يَبْلُغُوا الْحُلُمَ مِنْكُمْ ثَلاثَ مَرَّاتٍ مِنْ قَبْلِ صَلاةِ الْفَجْرِ وَحِينَ تَضَعُونَ ثِيَابَكُمْ مِنْ الظَّهِيرَةِ وَمِنْ بَعْدِ صَلاةِ الْعِشَاءِ ثَلاثُ عَوْرَاتٍ لَكُمْ لَيْسَ عَلَيْكُمْ وَلا عَلَيْهِمْ جُنَاحٌ بَعْدَهُنَّ طَوَّافُونَ عَلَيْكُمْ بَعْضُكُمْ عَلَى بَعْضٍ...)(6).

 تاسعاً: شرع الله الحجاب على المرأة وأمرها بستر زينتها عن الرجال الأجانب قال سبحانه: (يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُلْ لأَزْوَاجِكَ وَبَنَاتِكَ وَنِسَاءِ الْمُؤْمِنِينَ يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِنْ جَلابِيبِهِنَّ ذَلِكَ أَدْنَى أَنْ يُعْرَفْنَ فَلا يُؤْذَيْنَ وَكَانَ اللَّهُ غَفُوراً رَحِيماً)(7)، قال ابن عباس رضي الله عنه: (أمر الله نساء المؤمنين إذا خرجن من بيوتهن في حاجة أن يغطين وجوههن من فوق رؤوسهن بالجلابيب)(8). وقال سبحانه: (وَلا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلاَّ مَا ظَهَرَ مِنْهَا...) - إلى قوله سبحانه – (وَلا يَضْرِبْنَ بِأَرْجُلِهِنَّ لِيُعْلَمَ مَا يُخْفِينَ مِنْ زِينَتِهِنَّ وَتُوبُوا إِلَى اللَّهِ جَمِيعاً أَيُّهَا الْمُؤْمِنُونَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ)(9)، وهذا بأمر بإخفاء الزينة كلها إلا ما ظهر بنفسه من غير قصد منها كأطراف الثياب ونحو ذلك دون الوجه الذي هو أعظم الزينة ومكمن الجمال والفتنة فهو لا يظهر إلا بفعل من المرأة وقصد، ومن الزينة التي نهيت المرأة عن إبدائها (وَلا يَضْرِبْنَ بِأَرْجُلِهِنَّ) أي لا تضرب المرأة برجلها إذا مشت لتُسمع صوت خَلخالها، فإسماع صوت الزينة كإبداء الزينة والغرض التستر(10)، كما نهيت المرأة أيضاً عن التعطر والخروج بحضرة الرجال قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - (أيما امرأة تطيبت ثم خرجت إلى المسجد لم تقبل لها صلاة حتى تغتسل)(11)، هذا في خروجها إلى المسجد خير البقاع فكيف بخروجها إلى الأسواق ونحوها.

عاشراً: يشرع دعاء الله تعالى وسؤاله العفة والحياء فقد كان من أدعية المصطفى - صلى الله عليه وسلم - (اللهم إني أسألك الهدى والتقى والعفاف والغنى)(12), (اللهم إني أسألك الصحة والعفة، والأمانة وحسن الخلق، والرضا بالقدر)(13)، وقال أبو هريرة  -رضي الله عنه-: (أول ما يُرفع من هذه الأمة الحياء، والأمانة فسلوهما الله)(14).

 


 

(1)      أخرجه مسلم باب تسوية الصفوف...ح 440-1/326.
(2)     
أخرجه أبو داود باب في مشي النساء مع الرجال في الطريق ح 5272-4/369، والطبراني في الكبير ح 580-19/261.
(3)
    
أخرجه أحمد ح 177-1/26 قال الأرناؤوط: حديث صحيح رجاله ثقات رجال الشيخين، والنسائي في الكبرى باب خلوة الرجل بالمرأة ح 9219-5/387، وابن حبان ذكر الزجر أن يخلو المرء بامرأة أجنبية ح 5586-12/399.
(4)     
سورة النور آية 27.
(5)     
الجامع لأحكام القرآن 12/212-220.
(6)     
سورة النور آية 58.
(7)     
سورة الأحزاب آية 59. وقد اتفق العلماء قاطبة على وجوب ستر المرأة شعرها وسائر بدنها عن الرجال الأجانب بالجلباب الفضفاض الذي يستر تفاصيل البدن، وإنما اختلفوا في الوجه والكفين.
(8)     
أخرجه الطبري في تفسيره 20/ 324.
(9)     
سورة النور آية 31.
(10)     
انظر الجامع لأحكام القرآن 1/237.
(11)     
أخرجه أبو داود باب في المرأة تطيب للخروج ح 4174-4/79، و ابن ماجة باب فتنة النساء ح4002-2/1326وصححه الألباني، وأحمد ح 7350-2/246، وابن خزيمة باب إيجاب الغسل على المتطيبة للخروج إلى المسجد ح 1682-3/92.
(12)     
أخرجه مسلم باب التعوذ من شر ما عمل ومن شر ما لم يعمل ح 2721-4/2087.
(13)     
أخرجه البخاري في الأدب المفرد باب من دعا الله أن يحسن خلقه ح (307)، والخرائطي في مكارم الأخلاق ح (166).
(14)     
أخرجه الخرائطي في مكارم الأخلاق ح (178).



بحث عن بحث