الظــــــن بمن سلم من الأنام

في ضوء الكتاب والسنة(12-15)

 

تابــــع علاج المجتمع

الأمر الحادي عشر: (عدم العمل بموجبه والتحدث به)

وفي هذا الأمر يقول الله تعالى: (وَلَوْلَا إِذْ سَمِعْتُمُوهُ قُلْتُمْ مَا يَكُونُ لَنَا أَنْ نَتَكَلَّمَ بِهَذَا سُبْحَانَكَ هَذَا بُهْتَانٌ عَظِيم)[النور: 16].

فهذا تأديب من الله للمرء إن علق بنفسه شيء من ظن السوء على أخيه، وسوسة، أو خيالا، فلا ينبغي أن يتكلم به(1)

ويستهين كثير من الناس في هذا الأمر، فكل من وسوس له الشيطان بشيء، أو خطر بباله خاطر أخذ يحدث به، ويذيعه بين الناس بغير تحفظ أو احتراز أو اعتبار، وهذا من الأمور العجيبة، إذ أنه قد يسهل على هؤلاء، ويهون عليهم التحفظ من أكل الحرام والظلم والزنى والسرقة وشرب الخمر... وغير ذلك، ويصعب عليهم التحفظ من حركة اللسان حتى  أننا نرى الواحد منهم يشار إليه بالدين والزهد والعبادة، وهو يتكلم بالكلمة من سخط الله لا يلقي لها بالاً، يزل بالكلمة الواحدة منها أبعد ما بين المشرق والمغرب، وكم نرى من متورع عن الفواحش والظلم ؛ولسانه يفري في أعراض الناس الأحياء والأموات ،ولا يبالي ما يقول.

ومما يدل على ذلك قوله – صلى الله عليه وسلم -: (قال رجل: والله لا يغفر الله لفلان، فقال الله –عز وجل-من ذا الذي يتألى علي أني لا أغفر لفلان؟ قد غفرت له وأحبطت عملك) (2)

فهذا العابد الذي عبد الله ما شاء أن يعبده، أحبطت هذه الكلمة الواحدة عمله كله؟

فمن سمع قائلاً يقول سوء في أحد فلا يخبر به، ويحدث لاسيما إذا كان القائل عيابة وقاعاً في الناس ،سليط اللسان، أو دافع معرة عن نفسه ، يريد أن يكثر أمثاله في الناس وهذا كثير جداً. (3)

وبالجملة فلا يحدث الإنسان إلا بالحق. (4)

يتبع الأسباب الحاملة على سوء الظن وعلاجها

 


(1)   تفسير ابن كثير: 5/70.

(2) مسلم: كتاب البر والصلة والآداب، باب النهي عن تقنيط الإنسان من رحمه الله تعالى: 16/174،137.

(3)   الجواب الكافي: 138.

(4)   مداواة النفوس وتهذيب الأخلاق والزهد في الرذائل: 39.

 



بحث عن بحث