أم ورقة الأنصارية

الشهيدة

 

لسانها رطب بذكر الله حيثما كانت ! يتردد صوتها بالقرآن مع الفجر بين جنبات دارها، فيمر عمر بن الخطاب –رضي الله عنه- فيسمع آيات الذكر الحكيم ، فيقول:" هذا صوت خالتي أم ورقة !".

فهي أم ورقة بنت عبد الله بن الحارث بن عويمر بن نوفل الأنصارية، يقال لها أم ورقة بنت نوفل نسبة إلى جدها.

كان لحفظها للقرآن وكثرة تلاوتها له، ولصوتها العذب الندي أثر على مَن تسمعها من النساء، فكان رسول الله ، ويجعل لها –في بعض الأحايين- مؤذن يؤذن لها.

لُقّبت بالشهيدة، إذ كانت تلحّ على رسول الله أن تخرج معهم إلى بدر طلباً للشهادة، فأنبأها رسول الله بأن الشهادة ستأتيها بين يديها في دارها، وكان صلوات الله عليه وسلامه يقول -كلما همّ بزيارتها- :" انطلقوا بنا نزر الشهيدة" فهي بشارة وأي بشارة ؟! بشارة على لسان نبي الأمة وخاتم المرسلين بأنها ستكون شهيدة ترفل في الثواب العظيم الذي أعدّه الله للشهداء.

فكانت تقرّ عيناً، وتطمئن نفساً بذلك اللقب وتلك البشارة حتى جاءت بين يديها مصداقاً لقول الرسول الذي لا ينطق عن الهوى، فقد كان لانشغالها بالعبادة ومجالس الفقه أن اضطرت للاستعانة بغلام وجارية يقومان على خدمتها فكانا سبب موتها، إذ تآمرا على قتلها –قاتلهما الله- ففازت رضي الله عنها بالشهادة وسارعت إلى جنة عرضها السماوات والأرض.

ويبدو أن قلبي المجرمين لم يقبسا شيئاً من رحمتها، فقد كانت رضي الله عنها رحيمة بارة بكل مَن حولها، كثيرة الوافدات إلى دارها التي تغصّ دائماً بالمهاجرات والأنصاريات اللاتي يأتين للصلاة خلف امرأة تقية حافظة لكتاب الله.

فرضي الله عنها وأسكنها حيث كانت تطمح نفسها، في جنات النعيم، لدى رب رحيم(1)

بقلم

د. شادن أبو صالح


(1) الطبقات الكبرى: ابن سعد، 8/457، دار صادر، وعبد المنعم الهاشمي: نساء الأنصار ، ص28،34.

 



بحث عن بحث