الحلقة (31) حديث (لَقَدْ قُلْتِ كَلِمَةً لَوْ مُزِجَ بِهَاِ الْبَحْرِ لَمَزَجَتْهُ)

 

عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ: قُلْتُ لِلنَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم : حَسْبُكَ مِنْ صَفِيَّةَ كَذَا وَكَذَا. قَالَ غَيْرُ مُسَدَّدٍ: تَعْنِي قَصِيرَةً ، فَقَالَ: « لَقَدْ قُلْتِ كَلِمَةً لَوْ مُزِجَ بِهَاِ الْبَحْرِ لَمَزَجَتْهُ». قَالَتْ: وَحَكَيْتُ لَهُ إِنْسَانًا، فَقَالَ : «مَا أُحِبُّ أَنِّي حَكَيْتُ إِنْسَانًا وَإنَّ لِي كَذَا وَكَذَا ».(1)

 

من فوائد الحديث :

1/ هذا الحديث من أعظم الزواجر عن الغيبة أو أعظمها، قال النووي – رحمه الله -: وما أعلم شيئًا من الأحاديث بلغ في ذَمِّها هذا المبلغ  (2) .

والمعنى أن هذه الغيبة على فرض تجسيدها لو خلط بها ماء البحر لمزجته وأفسدته وغيرته عن حاله مع اتساعه وبعد قعره وكثرة الماء وغزارته، لشدة نتنها وقبحها (3) .

وقد بين القرآن الكريم بشاعة تلك المعصية واشتمئزاز النفوس منها بقوله تعالى   ( أَيُحِبُّ أَحَدُكُمْ أَن يَأْكُلَ لَحْمَ أَخِيهِ مَيْتاً فَكَرِهْتُمُوهُ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ تَوَّابٌ رَّحِيمٌ ) (4) .

2/ من الغيبة المحرمة المحاكاة وأكثر ما تستعمل في التقبيح، بأن يقلِّد صوته أو حركته وفعله؛ كأن يمشي متعارجًا أو مطأطئـًا رأسه، وغير ذلك من الهيئات، على وجه التَّنقُّص والسخرية والاحتقار ليضحك أصحابه ويتندروا به، وضابط المحاكاة؛ كل ما أفهمت به غيرك نقصان مسلم فهو غيبة محرمة (5)


(1)  رواه أبو داود (1581 ح4875) والترمذي (1903 ح 2502) وأحمد (6/206) ولم يذكر أنَّها صفيَّة ، وقال الترمذي : حسن صحيح .

(2)  كتاب الأذكار للنووي (ص410)، وينظر: فيض القدير (5/411) .

(3)  ينظر: كتاب الأذكار (الصفحة السابقة)، عون المعبود (13/151)، تحفة الأحوذي (7/177) .

(4) سورة الحجرات، الآية: 12 .

(5)  ينظر: الأذكار (الصفحة السابقة)، فيض القدير (الصفحة السابقة)، عون المعبود (الصفحة السابقة) .

 



بحث عن بحث