موقف الخوارج من الحديث

 

مما لاشك فيه أن موقف الخوارج من الحديث ينبني على موقفهم من رواته وحملته من صحابة رسول الله - صلى الله عليه وسلم-. وتجمع كتب التاريخ والفرق على أن الخوارج - على اختلاف فرقهم- يعدلون الصحابة جميعا قبل الفتنة، ثم يكفرون عليا، وعثمان، وأصحاب الجمل، وجمهور الصحابة الموجودين بعد التحكيم، والحكمين، ومن رضي بالتحكيم وصوب الحكمين أو أحدهما، كفروهم بدعوى أنهم خالفوا أمر الله(1).

ونتيجة لهذا المروق، ردوا أحاديث جمهور الصحابة بعد الفتنة، وامتنعوا عن قبول رواياتهم، كما امتنعوا عن قبول مرويات ( فقهاء الأمة الذين ضبطوا آثار الصحابة، وقاسوا فروعهم على فتاوى الصحابة ) إذ كفروهم بدورهم(2)، 

وبذلك وقعوا في ضلالات يندى لها الجبين، وتتنافى حتى مع الذوق السليم؛ لعزوفهم عن السنن والآثار .

يقول الدكتور/ السباعي: " وإنه لبلاء عظيم أن نسقط عدالة جمهور الصحابة الذين اشتركوا في النزاع مع علي أو معاوية ، أو نسقط أحاديثهم، ونحكم بكفرهم أو فسقهم ، وهم في هذا الرأي لا يقلون عن الشيعة خطرًا، وفساد رأي، وسوء نتيجة، وإذا كان مدار الاعتماد على الرواية هو صدق الصحابي وأمانته فيما نقل ــ وقد كان ذلك موفورًا عندهم ــ وكان الكذب أبعد شيء عن طبيعتهم، ودينهم، وتربيتهم ، فما دخل ذلك بآرائهم السياسية وأخطائهم ؟ ووصفهم بأوصاف لا تليق بعامة الناس، فكيف بأصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم- الذين كان لهم في خدمة الإسلام قدم صدق، لولاها لكنا نتيه في الظلمات، ولا نعرف كيف نهتدي سبيلا "(3).                           


 


(1) - انظر: الفرق بين الفرق ص 74، والسنة ومكانتها في التشريع الإسلامي ص 149، وموقف الخوارج هذا معاكس لموقف أهل السنة الذين عدلوا كل الصحابة من شارك في الفتنة ومن لم يشارك.

(2) - انظر: الفرق بين الفرق ص 322.

(3) - السنة ومكانتها في التشريع الإسلامي ص 133 بتصرف.

 

 

 



بحث عن بحث