القاعدة الثانية

صحّح تصورك عن الكون والحياة والإنسان

وهو الربط بين الكون وما يكتنفه من مخلوقات وبين حياة الإنسان على الأرض، وعلاقة ذلك كله بالخالق سبحانه وتعالى، وهو التصور الذي بيّنه الله تعالى لعباده في كتابه المبين، وجاء به الرسول صلى الله عليه وسلم ، ليكون قاعدة صلبة للمنهجية التي تحدد للناس أهدافهم في الحياة، والآيات التي تكوّن التصوّر السديد والصادق عند الإنسان كثيرة، ويمكن الإشارة إلى بعضها من خلال النصوص الآتية:

آيات الربط بين الإيمان وجزئيات الكون
 

  1 – قوله تعالى: ﴿ وَآيَةٌ لَهُمُ الْأَرْضُ الْمَيْتَةُ أَحْيَيْنَاهَا وَأَخْرَجْنَا مِنْهَا حَبًّا فَمِنْهُ يَأْكُلُونَوَجَعَلْنَا فِيهَا جَنَّاتٍ مِنْ نَخِيلٍ وَأَعْنَابٍ وَفَجَّرْنَا فِيهَا مِنَ الْعُيُونِ لِيَأْكُلُوا مِنْ ثَمَرِهِ وَمَا عَمِلَتْهُ أَيْدِيهِمْ أَفَلَا يَشْكُرُونَ سُبْحَانَ الَّذِي خَلَقَ الْأَزْوَاجَ كُلَّهَا مِمَّا تُنْبِتُ الْأَرْضُ وَمِنْ أَنْفُسِهِمْ وَمِمَّا لَا يَعْلَمُونَ  .

فهذه الآيات تشير إلى بعض الآيات الكونية التي أودعها الله تعالى في الأرض التي يعيش عليها الإنسان، وعلاقتها بحياة الإنسان وبقائه إلى أجل مسمى، فآية الأرض الميتة الجرداء التي لا روح فيها ولا حياة، ولا يستطيع أحد أن يعيش فيها أيامًا معدودات لأنها تفقد مقومات الحياة من الماء والكلأ وغيرها، ولكن الله تعالى حين ينزل عليها الأمطار من السماء فترتوي الأرض، وتتغير معالمها ويتحول لونها، وتصبح خصبة للإقامة عليها والعيش فيها، ويتفجر من بين صخورها وفي أوديتها ينابيع الماء الصافية، ليسقى منها الإنسان والدواب، ويخرج منها عند ذلك أنواع النبات والفواكه والخضار التي تتوالد وتتزاوج كما يتوالد الإنسان ويتزاوج، وهي آية عظيمة من آيات الله تعالى التي تجمع بين السماء والأرض والإنسان.

2 – قوله تعالى: ﴿ وَآيَةٌ لَهُمُ اللَّيْلُ نَسْلَخُ مِنْهُ النَّهَارَ فَإِذَا هُمْ مُظْلِمُونَ وَالشَّمْسُ تَجْرِي لِمُسْتَقَرٍّ لَهَا ذَلِكَ تَقْدِيرُ الْعَزِيزِ الْعَلِيمِ وَالْقَمَرَ قَدَّرْنَاهُ مَنَازِلَ حَتَّى عَادَ كَالْعُرْجُونِ الْقَدِيمِلَا الشَّمْسُ يَنْبَغِي لَهَا أَنْ تُدْرِكَ الْقَمَرَ وَلَا اللَّيْلُ سَابِقُ النَّهَارِ وَكُلٌّ فِي فَلَكٍ يَسْبَحُونَ ﴾ .

فهذه الآيات تشير إلى بعض الحقائق الكونية التي في السماء وتحيط بالأرض وتؤثر فيها:

أ – تعاقب الليل والنهار، والعملية الكونية التي تنشأ هذا التعاقب، والنظام الذي يتحكم فيه، ودور حركة الشمس والأرض في ذلك، وأثر ذلك من الحقائق الكونية الكبرى التي نراها كل يوم.

ب – أن لكل كوكب أو نجم أو شمس في هذا الكون الفسيح مسارًا ومجالاً لا يستطيع الخروج عنه، وإنه لو أصاب خلل في الكواكب التي تحيط بكوكب الأرض وداخل في مجرتها، لأحدث خللاً على الأرض، وربما يؤدي إلى فقدان الحياة فيها، كاقتراب الشمس عن المسافة الحالية أو ابتعادها، وكذلك بالنسبة للقمر والكواكب الأخرى.

ج – العملية الكونية التي يقوم بها القمر وعلاقتها بحياة الناس ومعاشهم أمر يحتاج إلى تأمل وتفكر، حيث يظهر القمر في بدايته هلالاً حتى يكبر ويكبر فيصبح بدرًا مستديرًا، ثم يبدأ بالتناقص ليتحول إلى هلال آخر، ليغيب مرة أخرى وينتهي معه الشهر، الذي له دور كبير في الحساب الزمني بالنسبة للإنسان.

د – ثم إن هذه المجموعة الشمسية – والأرض جزء منها – أودع فيها نظام دقيق للغاية، بالنسبة للمسافات التي تبعدها عن بعض، وسرعتها في الدوران حول نفسها أو حول غيرها من الكواكب.

3 – قوله تعالى: ﴿ وَآيَةٌ لَهُمْ أَنَّا حَمَلْنَا ذُرِّيَّتَهُمْ فِي الْفُلْكِ الْمَشْحُونِ وَخَلَقْنَا لَهُمْ مِنْ مِثْلِهِ مَا يَرْكَبُونَ وَإِنْ نَشَأْ نُغْرِقْهُمْ فَلَا صَرِيخَ لَهُمْ وَلَا هُمْ يُنْقَذُونَإِلَّا رَحْمَةً مِنَّا وَمَتَاعًا إِلَى حِينٍ ﴾ .

وقوله تعالى: ﴿ وَمَا يَسْتَوِي الْبَحْرَانِ هَذَا عَذْبٌ فُرَاتٌ سَائِغٌ شَرَابُهُ وَهَذَا مِلْحٌ أُجَاجٌ وَمِنْ كُلٍّ تَأْكُلُونَ لَحْمًا طَرِيًّا وَتَسْتَخْرِجُونَ حِلْيَةً تَلْبَسُونَهَا وَتَرَى الْفُلْكَ فِيهِ مَوَاخِرَ لِتَبْتَغُوا مِنْ فَضْلِهِ وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ ﴾.

وهذه الآيات تبين بعض الحقائق والمعالم المتعلقة بالبحار وأسرارها وكيف أنها سخرت جميعًا لخدمة الإنسان، وهي الاستفادة من لحوم كائناتها المختلفة، التي فيها من الفوائد الغذائية والصحية ما لا تعد ولا تحصى، وكذلك استخراج الحلي الثمينة والجميلة، من اللآلئ والمرجان والعقود والماس وغيرها التي يستفاد منها في الزينة واللبس، وكذلك تسخير السفن والبواخر التي تنقل الناس والبضائع من الأماكن المختلفة، فضلاً عن الاستفادة من مائها التي تتبخر لتعطي غيثًا نافعًا ينزل على ما يشاء الله تعالى من الأراضي والسهول والجبال لتخرج للناس الخيرات والبركات.

فضلاً عن المعجزة الكبرى التي تكتنف بعض هذه البحار وهي التقاء الماء العذب مع المالح من غير أن يختلطا، وهذه الحقيقة التي تحدث عنها كتاب الله تعالى قبل أربعة عشر قرنًا، وغيرها من الأسرار والحقائق التي أودعها الله تعالى داخل هذه البحار والمحيطات.

4 قوله تعالى: ﴿ حَتَّى إِذَا أَتَوْا عَلَى وَادِي النَّمْلِ قَالَتْ نَمْلَةٌ يَا أَيُّهَا النَّمْلُ ادْخُلُوا مَسَاكِنَكُمْ لَا يَحْطِمَنَّكُمْ سُلَيْمَانُ وَجُنُودُهُ وَهُمْ لَا يَشْعُرُونَ .

وقوله تعالى: ﴿ وَتَفَقَّدَ الطَّيْرَ فَقَالَ مَا لِيَ لَا أَرَى الْهُدْهُدَ أَمْ كَانَ مِنَ الْغَائِبِينَلَأُعَذِّبَنَّهُ عَذَابًا شَدِيدًا أَوْ لَأَذْبَحَنَّهُ أَوْ لَيَأْتِيَنِّي بِسُلْطَانٍ مُبِينٍ ﴾.

وقوله تعالى: ﴿ وَأَوْحَى رَبُّكَ إِلَى النَّحْلِ أَنِ اتَّخِذِي مِنَ الْجِبَالِ بُيُوتًا وَمِنَ الشَّجَرِ وَمِمَّا يَعْرِشُونَثُمَّ كُلِي مِنْ كُلِّ الثَّمَرَاتِ فَاسْلُكِي سُبُلَ رَبِّكِ ذُلُلًا يَخْرُجُ مِنْ بُطُونِهَا شَرَابٌ مُخْتَلِفٌ أَلْوَانُهُ فِيهِ شِفَاءٌ لِلنَّاسِ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَةً لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ ﴾.

وهذه الآيات تكشف لنا بعض الأسرار التي تطرق القرآن إلى بعض منها والمتعلقة بعالم آخر في هذا الكون، ألا وهي عالم الطيور والحشرات والدواب الأخرى، وتناغمها مع حركة الإنسان ومعيشته ورسالته، فهذه الطيور والحشرات لها منطق ولغة للتفاهم فيما بينها، فهي أمم ونحل مثل الإنسان وهو تصديق قوله تعالى: ﴿ وَمَا مِنْ دَابَّةٍ فِي الْأَرْضِ وَلَا طَائِرٍ يَطِيرُ بِجَنَاحَيْهِ إِلَّا أُمَمٌ أَمْثَالُكُمْ مَا فَرَّطْنَا فِي الْكِتَابِ مِنْ شَيْءٍ ثُمَّ إِلَى رَبِّهِمْ يُحْشَرُونَ ﴾ .

من المعجزات مخاطبة الدواب لنبي الله سليمان عليه السلام
 

وكان من المعجزات التي أيَّد الله بها نبيه سليمان عليه السلام هي فهم هذا اللغة والوسيلة التي يتواصل بها مع الطيور والحشرات والحيوان الأخرى، فها هو عليه السلام يسمع النملة التي تحذر النمل بأن يتركوا المكان ويدخلوا حجورها حتى لا يتعرضوا لجند سليمان عليه السلام، فيضحك عليه السلام من قولها ويشكر الله على هذه النعمة التي خصه بها دون غيره، ثم تأتي قصته عليه السلام مع الهدهد ذلك الطير الذي غاب عن نظره ومجلسه، فأراد محاسبته وعقابه إن لم يأت بعذر مقبول، إلى أن يأتيه بخبر بلقيس وقومها وعبادتهم للشموس والكواكب من دون الله تعالى.

وكذلك إيحاء الله تعالى إلى النحل وذلك عبر الفطرة المودعة فيها، لتتخذ من الجبال بيوتًا ومن الشجر ومن الكروم وغيرها، كل ذلك من أجل أن تخرج عسلاً مصفى فيه شفاء للناس، ومعلوم للجميع فوائد العسل وعلاجه للأمراض المختلفة، فقد ورد في الصحيحين عن أبي سعيد الخدري ا أن رجلاً جاء إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم  فقال: إن أخي استطلق بطنه، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : «اسقه عسلاً» فسقاه عسلاً، ثم جاء فقال: إني سقيته فلم يزده إلا استطلاقًا، فقال له ثلاث مرات، ثم جاء الرابعة فقال: «اسقه عسلاً» فقال: لقد سقيته فلم يزده إلا استطلاقًا، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : «صدق الله وكذب بطن أخيك» فسقاه فبرأ.

5 قوله تعالى: ﴿وَهُوَ الَّذِي يُرْسِلُ الرِّيَاحَ بُشْرًا بَيْنَ يَدَيْ رَحْمَتِهِ حَتَّى إِذَا أَقَلَّتْ سَحَابًا ثِقَالًا سُقْنَاهُ لِبَلَدٍ مَيِّتٍ فَأَنْزَلْنَا بِهِ الْمَاءَ فَأَخْرَجْنَا بِهِ مِنْ كُلِّ الثَّمَرَاتِ كَذَلِكَ نُخْرِجُ الْمَوْتَى لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ .

وقوله تعالى: ﴿ وَاللَّهُ الَّذِي أَرْسَلَ الرِّيَاحَ فَتُثِيرُ سَحَابًا فَسُقْنَاهُ إِلَى بَلَدٍ مَيِّتٍ فَأَحْيَيْنَا بِهِ الْأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِهَا كَذَلِكَ النُّشُورُ ﴾ .

وهذه الآيات تكشف لنا حقيقة أخرى من حقائق هذا الكون الفسيح، ألا وهي العلاقة بين بعض مكوناته، فهذه هي الرياح التي تهب بأمر الله تعالى تحمل معها سحابًا وتسوقه إلى الأرض الميتة التي يريد الله تعالى سقيها ليخرج منها ما يشاء من الزرع مختلفًا ألوانه، ثم يربط الله تعالى بين موات الأرض التي لا حياة ولا حراك فيها وتحوّلها إلى أرض حية معطاة، وبين الموتى، فكيف أنه جل وعلا أخرج الحياة من تلك الأرض الميتة فإنه قادر ويخرج الحياة من الموتى يوم القيامة، وهكذا فإن الترابط دائم ومستمر بين هذه الحقائق في هذا الكون.

وآيات أخرى مثله قوله تعالى: ﴿ وَإِنَّ لَكُمْ فِي الْأَنْعَامِ لَعِبْرَةً نُسْقِيكُمْ مِمَّا فِي بُطُونِهِ مِنْ بَيْنِ فَرْثٍ وَدَمٍ لَبَنًا خَالِصًا سَائِغًا لِلشَّارِبِينَ﴾ .

وقوله تعالى: ﴿ وَالْأَنْعَامَ خَلَقَهَا لَكُمْ فِيهَا دِفْءٌ وَمَنَافِعُ وَمِنْهَا تَأْكُلُونَ   ﴾.

وغيرها من الآيات التي يطول المقام لسردها جميعًا.

¡  ¡  ¡

إن هذا الترابط والانسجام بين جميع أجزاء هذا الكون، وتناغم حركاتها ضمن ناموس واحد، يعطي الإنسان تصورًا واحدًا لا ثاني له، ألا وهو وحدانية خالق الكون وتفرده بملكوته وسمواته وأرضه، لأن هناك نظامًا واحدًا ودقيقًا يتحكم بهذا الناموس العجيب في هذا الكون الفسيح، فلو كان هناك آلهة أخرى لفسد هذا النظام، ولأصابه خلل، ولذهب كل إله بما خلقه ويحدث تصادم وتصارع بين هذه المخلوقات جميعًا، وهو مصداق قوله تعالى: ﴿ مَا اتَّخَذَ اللَّهُ مِنْ وَلَدٍ وَمَا كَانَ مَعَهُ مِنْ إِلَهٍ إِذًا لَذَهَبَ كُلُّ إِلَهٍ بِمَا خَلَقَ وَلَعَلَا بَعْضُهُمْ عَلَى بَعْضٍ سُبْحَانَ اللَّهِ عَمَّا يَصِفُونَ ، وقوله تعالى: ﴿ لَوْ كَانَ فِيهِمَا آلِهَةٌ إِلَّا اللَّهُ لَفَسَدَتَا فَسُبْحَانَ اللَّهِ رَبِّ الْعَرْشِ عَمَّا يَصِفُونَ ﴾.

¡  ¡  ¡

علاقة ما سبق بالإيمان
 

ثم إن هذه الكائنات والأشياء التي يحتضنها هذا الكون، يعمل جميعها لأداء رسالة واحدة في الحياة، وهي تقديم العبادة لهذا الخالق الأوحد، ولكل كائن ومخلوق طريقة يعبّر بها عن هذه الطاعة والعبودية لله تعالى، فإن الحجر والشجر والدواب والكواكب والماء والجبال والملائكة وغيرها من الكائنات التي عرفها والتي لم نعرفها تقدم العبادة لله تعالى وتتذلل أمام عظمته وجبروته، يقول تبارك وتعالى: ﴿ أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ يَسْجُدُ لَهُ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَمَنْ فِي الْأَرْضِ وَالشَّمْسُ وَالْقَمَرُ وَالنُّجُومُ وَالْجِبَالُ وَالشَّجَرُ وَالدَّوَابُّ وَكَثِيرٌ مِنَ النَّاسِ وَكَثِيرٌ حَقَّ عَلَيْهِ الْعَذَابُ وَمَنْ يُهِنِ اللَّهُ فَمَا لَهُ مِنْ مُكْرِمٍ إِنَّ اللَّهَ يَفْعَلُ مَا يَشَاءُ  .

 ويقول تعالى: ﴿ تُسَبِّحُ لَهُ السَّمَاوَاتُ السَّبْعُ وَالْأَرْضُ وَمَنْ فِيهِنَّ وَإِنْ مِنْ شَيْءٍ إِلَّا يُسَبِّحُ بِحَمْدِهِ وَلَكِنْ لَا تَفْقَهُونَ تَسْبِيحَهُمْ إِنَّهُ كَانَ حَلِيمًا غَفُورًا ﴾.

ويقول تعالى: ﴿ وَلِلَّهِ يَسْجُدُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ مِنْ دَابَّةٍ وَالْمَلَائِكَةُ وَهُمْ لَا يَسْتَكْبِرُونَ ﴾ .

ويقول: ﴿ وَلِلَّهِ يَسْجُدُ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ طَوْعًا وَكَرْهًا وَظِلَالُهُمْ بِالْغُدُوِّ وَالْآصَالِ ﴾ .

ويقول: ﴿ وَيُسَبِّحُ الرَّعْدُ بِحَمْدِهِ وَالْمَلَائِكَةُ مِنْ خِيفَتِهِ وَيُرْسِلُ الصَّوَاعِقَ فَيُصِيبُ بِهَا مَنْ يَشَاءُ وَهُمْ يُجَادِلُونَ فِي اللَّهِ وَهُوَ شَدِيدُ الْمِحَالِ ﴾ .

فهذه الكائنات جميعها تشترك مع الإنسان في رسالته في الحياة وغايته في الوجود التي عبر الله تعالى بقوله: ﴿ وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ  ﴾.

وبهذا الربط بين الكائنات الكونية وفق هذه النواميس التي سنّها الله تعالى لها، وبين الإيمان بالله تعالى ووظيفة الإنسان على الأرض، يتكوّن التصور الصحيح عن الكون والحياة والإنسان، ويعدّ هذا التصور من القواعد الأساسية لإيجاد منهج صحيح في الحياة والعمل بمقتضياته لتحقيق السعادة الحقيقية، فهو الذي يحدد موقف الإنسان مما يراه حوله في هذا الكون، فلا يتخبط يمنة ويسرة، وإنما يدرك موقفه الصحيح، المنطلق مما ذكر من الآيات وغيرها، فيبعث هذا على الاطمئنان والراحة، ومن ثم الإنتاج وعمارة الكون كما أراد الله تعالى.



بحث عن بحث