إن الله سبحانه وتعالى قد هدى أهل الإيمان إلى الأعمال الحسنة الجميلة الجليلة التي تفيد الفرد والمجتمع في وقت واحد، وهو من فضائل ومحاسن هذا الدين؛ حيث لم يهمل الفرد ولا المجتمع الذي يعيش فيه هذا الفرد؛ بل أرشد إلى أعمال ترقى بمصالحهم وتعلي درجاتهم دنيا وأخرى، وعلى سبيل المثال :

  • الصلاة مع الجماعة: فإنها طاعة من الفرد لله وعبادة منه لخالقه فيكتسب الأجر والثواب، وهي كذلك سبب للتعارف والتآلف والتآخي بين المسلمين، ومن ثم يكون التعرف على المحتاج فيساعد، وعلى المدين فيقضى عنه، وعلى اليتيم فيكفل، وعلى المريض فيزار، وعلى كل أهل الحي غنيهم وفقيرهم، فالغني يبذل مما آتاه الله ويستفيد الفقير.
  • والصوم: عبادة فردية، يهذب نفس الصائم ويصفي روحه، ويكون جُنةً له يوم القيامة، ولكنه كذلك يحث الإنسان على الرحمة بالفقراء والمساكين، والعطف على البائسين، فإن الإنسان إذا أصابه الجوع تذكر المسكين الجائع، وإذا عطش تذكر الظمآن.
  • والزكاة: تكفر الخطيئة وتدفع البلية، ويستحق صاحبها الأجر والثواب، وهي خير للمجتمع كله؛ ففيها الرأفة والرحمة والشفقة للبائس الفقير، والمسكين المحتاج، ولليتيم والأرملة، وفيها بث روح التعاطف والتراحم بين أفراد المجتمع، ويستفيد منها أنواع كثيرة من الناس، فقد كتب الإمام الزهري لعمر بن عبد العزيز عن مواضع السنة في الزكاة إذ قال: «إن فيها نصيبًا للزمنى والمقعدين، ونصيبًا لكل مسكين به عاهة لا يستطيع عيلة ولا تقلبًا في الأرض، ونصيبًا للمساكين الذين يسألون ويستطعمون حتى يأخذوا كفايتهم ولا يحتاجون بعدها إلى السؤال، ونصيبًا لمن في السجون من أهل الإسلام ممن ليس له أحد، ونصيبًا لمن يحضر المساجد من المساكين الذين لا عطاء لهم ولا سهم (ليس لهم رواتب، ولا معاشات منتظمة) ولا يسألون الناس، ونصيبًا لمن أصابه الفقر وعليه دين ولم يكن شيء منه في معصية الله ولا يتهم في دينه -أو قال: في دَينه- ونصيبًا لكل مسافر ليس له مأوى ولا أهل يأوي إليهم، فيؤوى ويطعم وتعلف دابته حتى يجد منزلًا أو يقضي حاجة».
  • والحج: جزاؤه جنة الله الخالدة، وفيه تتمثل وحدة القلوب وائتلاف الأرواح، وفيه تذكير للرابطة الدينية وقوة الوحدة الإسلامية، كما فيه تعويد النفس البذلَ والإنفاقَ، وشعور الفرد بمساواته لغيره، فلا ملك ولا مملوك، ولا غني ولا فقير؛ بل الكل هناك سواء.
  • والجهاد في سبيل الله: فهو سبب لمغفرة ذنوب المجاهد ودخوله جنات الخالق، وأما فائدة الآخرين به: ففيه قمع أعداء الله، ونصر أوليائه، وإعلاء كلمة الإسلام، وحمل الكافر على ترك الكفر الذي هو أقبح الأشياء وسبب لدخول النار، والإقبال على ما هو أحسن الأشياء، وفيه إخراج البشر عن درجة الأنعام، قال تعالى في حق الكفرة: {إِنْ هُمْ إِلَّا كَالْأَنْعَامِ }[الفرقان: 44].

وهكذا أي عمل أمعنت فيه وجدت أن فيه فائدة فردية وفائدة اجتماعية معًا، حتى بعض الأعمال التي أمر بها الإسلام وهي في أول النظر ترى فيها فائدة خاصة للفرد، ولكن إذا فكرت في حكمتها وأعدت فيها النظر رأيت أن فيها خيرًا كثيرًا لكل من يعايش هذا الفرد؛ مثل النكاح، ففيه تحصين الفرج، وتحصين الزوجة، وحفظها والقيام بها، كما فيه تكثير سواد الأمة وتكثير النسل، ومن ثم تحقيق مباهاة النبي  صلى الله عليه وسلم  بأمته يوم القيامة.

ومع هذا وذاك فقد حث الإسلام على أعمال كثيرة يكون المقصود منها نفع الآخرين حتى الحيوانات والجمادات، ولكن أثرها الأخروي مضاعف للفرد القائم بها، ولذلك جاءت النصوص المتواترة المتظافرة للحث عليها والترغيب فيها ونشرها بين المسلمين؛ ليعملوا بها ويتنافسوا في أدائها، أفرادًا، ومجتمعاتٍ، ودولًا.



بحث عن بحث