قواعد وأصول في تعبير الرؤى (2-2)

4– توفر الفراسة اللازمة لدى العابر، وعدم الوقوف على ظواهر الأحداث والحكم عليها، كما عليه أن يعرف المصالح والمفاسد في هذا الباب.

5– معرفة حال الرائي، والظروف المحيطة به، لأن التعبير يتعلق بشكل مباشر مع حال الشخص ونفسيته وتصوراته، فقد ورد أن رجلين سألا ابن سيرين رحمه الله عن رؤيا واحدة وهي أن كلا منهما رأى أنه يؤذّن، فعبّرها للرجل الصالح منهما أنها الحجّ لقوله تعالى: {وَأَذِّن فِي النَّاسِ بِالْحَجِّ}(1)، وعبّر للآخر أنه يسرق لقوله تعالى: {ثُمَّ أَذَّنَ مُؤَذِّنٌ أَيَّتُهَا الْعِيرُ إِنَّكُمْ لَسَارِقُونَ}(2).

6– الحفاظ على أسرار الناس وخصوصياتهم، لأن المعبِّر بمثابة المفتي والعالم، لذا عليه الستر على عورات الناس وأسرارهم وعدم إفشائها، فهم مستأمنون عليها كحال المفتي أو القاضي أو الطبيب.

7– عدم التسرع في تعبير الرؤيا والحكم عليه بالقطع، وعدم الإحراج في حال الجهل بحقيقتها أو تفسيرها، لأن الاعتذار عن التعبير خير من الحكم بالجهل الذي تترتب عليه مفاسد كبيرة.

وقد كان ابن سيرين يُسأل عن مائة رؤيا، فلا يجيب فيها بشيء، ويقول: اتق الله وأحسن في اليقظة فإنه لا يضرك ما رأيت في النوم.

8– الابتعاد عن تعبير الرؤى وتفسيرها على الفضائيات وفي المنتديات العامة، للمفاسد المترتبة على ذلك، لأن أحوال الناس تختلف من رائي إلى آخر، وقد تأخذ الرؤيا الواحدة أكثر من تعبير أو تفسير، والذين يشاهدون الفضائيات يعدّون بالملايين، وفيهم الجهلة والبسطاء الذين يتأثرون بهذه الأحكام والتعابير، الأمر الذي يؤدي إلى نتائج سلبية على حياتهم، فمن أجل تفادي هذه المفاسد كان الأوْلى والأسلم ألا تُعبَّر الرؤيا على الشاشات والمنتديات العامة.

وخلاصة القول في هذا الباب أن تعبير الرؤى علمٌ كما سمّاه الله تعالى في كتابه العزيز على لسان يعقوب ليوسف عليهما السلام: {وَكَذَٰلِكَ يَجْتَبِيكَ رَبُّكَ وَيُعَلِّمُكَ مِن تَأْوِيلِ الْأَحَادِيثِ}(3)، وقوله تعالى: {وَكَذَٰلِكَ مَكَّنَّا لِيُوسُفَ فِي الْأَرْضِ وَلِنُعَلِّمَهُ مِن تَأْوِيلِ الْأَحَادِيثِ}(4).

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(1) [الحج: 27]

(2) [يوسف: 70]

(3) [يوسف: 6]

(4) [يوسف: 21]



بحث عن بحث