العلاج من العين (1-2)

فإذا وقعت العين وأصابت المعين وتضرر منها حسب قوتها، فإن هناك مجموعة من الأمور الواجب اتباعها للشفاء منها والتخفف من وطأتها وتأثيرها على النفس والبدن والأموال، مع ضرورة الاعتقاد بأنه ليس كل مرض عين، أو أن كل مصيبة هي نتيجة حسد أحدهم، وإنما يُجتهد في هذه المسألة حسب أعراض المرض ووقت حدوثه والظروف المحيطة به، ومن ثم اتباع خطوات العلاج والتي نجملها – إضافة إلى ما سبق في الوقاية – فيما يلي:

1- الإيمان بأن كل ما يحدث للإنسان إنما هو بقدر الله، والقبول بهذا الحكم من الله والصبر عليه، الأمر الذي يحرر الإنسان من أغلال الحسرة والتحسف على الماضي، بل يزيده قوة للتعافي من أثر العين، ومن سائر الأمراض والبلاءات، يقول عليه الصلاة والسلام: «عجبًا لأمر المؤمن إن أمره كله خير وليس ذاك لأحد إلا للمؤمن، إن أصابته سرّاء شكر فكان خيرًا له، وإن أصابته ضراء صبر فكان خيرًا له«(1).

و يقول تعالى: {وَمَا تَشَاءُونَ إِلَّا أَن يَشَاءَ اللَّهُ ۚ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلِيمًا حَكِيمًا}(2).

2- الاغتسال. والأخذ من الأثر إذا عرف العائن، مثلما أمر عليه الصلاة والسلام في قصة سهل بن حُنيف.

وصفة الاغتسال كما قال الزهري: «يؤمر الرجل العائن بقدح، فيُدخل كفّه فيه، فيتمضمض، ثم يمجّه في القدح، ويغسل وجهه في القدح، ثم يدخل يده اليسرى، فيصب على ركبته اليمنى في القدح، ثم يُدخل يده اليمنى، فيُصب على ركبته اليسرى، ثم يغسل داخلة إزاره، ولا يُوضع القدح في الأرض، ثم يُصب على رأس الرجل الذي تصيبه العين من خلفه صبةً واحدة«(3).

3- الرقية الشرعية التي هي علاج لكثير من الأمراض النفسية والعضوية، ومن السحر والعين وغيرها من الأضرار الناجمة عن النفوس الرديئة أو من كيد الشياطين، وقد ورد عن النبي ﷺ أنه كان يرقي المرضى بقوله: «اللهم رب الناس أذهب البأس، واشف أنت الشافي، لا شفاء إلا شفاؤك، شفاء لا يغادر سقمًا»(4). ثلاث مرات.

وجاء في الصحيح أن جبريل عليه السلام رقّى النبي ﷺ بقوله: «بسم الله أرقيك من كل شيء يؤذيك، ومن شر كل نفس أو عين حاسد الله يشفيك، باسم الله أرقيك»(5). ثلاث مرات.

4- الدعاء بالشفاء والعافية، لأنه الوسيلة المباشرة مع الله تعالى لكشف الضر وتفريج المصائب، فضلاً عن أن الدعاء يدفع عن الإنسان كثيرًا من المصائب قبل وقوعها، يقول عليه الصلاة والسلام: «إن الدعاء ينفع مما نزل ومما لم ينزل«(6).

5- المحافظة على العبادات، وبخاصة الصلوات وأدائها في أوقاتها ومع جماعة المسلمين، فقد أمر الله عباده المؤمنين باللجوء إليها والاستعانة بها على الهموم والخطوب والمصائب والأمراض، فقال:{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اسْتَعِينُوا بِالصَّبْرِ وَالصَّلَاةِ ۚ إِنَّ اللَّهَ مَعَ الصَّابِرِينَ}(7)، وكان عليه الصلاة والسلام يقول لبلال: «قم يا بلال فأرحنا بالصلاة»(8)، فالصلاة ملاذ وعلاج لكل ذي همّ وحزن ومرض.

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(1) أخرجه مسلم (ص1295، رقم 7500) كتاب الزهد، باب لا يلدغ المؤمن من جحر مرتين. ويراجع ما كتبت في هذا البحث عن القضاء والقدر، وكذا عن الصبر.

(2) [الإنسان: 30]

(3) زاد المعاد لابن القيم 4/ 164.

(4) سبق تخريجه.

(5) أخرجه مسلم (ص970، رقم 2186) كتاب السلام، باب الطب والمرضى والرقى.

(6) سبق تخريجه.

(7) [البقرة: 153]

(8) أخرجه أبو داود (ص702، رقم 4986) كتاب الأدب، باب في صلاة العتمة. والنسائي (ص116، رقم 846) كتاب الإمامة، باب الجماعة للفائت من الصلاة. وهو حديث صحيح.



بحث عن بحث