موقف الداعية من هذه المبشرات:

الداعية الناجح حين يقف على هذه المبشرات يوقن بها، ويمتلئ قلبه طمأنينة وثقة بنصر الله لهذا الدين والتمكين له، ومن ثم فهو يبث الأمل في روح مدعويه، ويبين لهم أن هذه المبشرات تدعو إلى العمل الدؤوب الذي تقوم به في جوانب الحياة كلها، تقوم ما اعوج منها، وتصلح ما فسد، وتبني ما تهدم، وتقوي ما ضعف، وتكمل ما نقص، بروح المجددين الواثقين بالله «ولينصرن الله من ينصره»، ومن هنا فعلى الدعاة أن يعملوا بهذا العامل الكبير، والمقوم العظيم من مقومات الدعوة في نجاحها فيحدوهم الأمل للنجاح ولمواصلة المسير.

لكن ينبغي أن يكون هذا التفاؤل مصحوبًا بما يلي:

1- أن يعلم الداعية أن مقادير الأمور بيد الله تعالى، والله سبحانه خلق هذا الكون وبناه على سنن لا تتخلف، فلا يلغي هذا التفاؤل العمل بالسنن فتكون مصادمة لها، والسنن منها كونية ومنها شرعية.

2- ألا تطغى النظرة التفاؤلية على الداعية أو الدعوة فينسى العمل بالأسباب، فأفضل البشر عليه الصلاة والسلام عمل بالأسباب كما في الدعوة في مكة، وفي قصة الهجرة إلى المدينة وفي جميع أحواله وظروفه، ولذا على الداعية أن يجتهد في العمل بالأسباب، ومن ذلك وضوح الهدف، والتخطيط، والآليات المناسبة، ثم يرجو الحصول على الثمار والنتائج، وإن اختلفت النتيجة يومًا فلن تتخلف يومًا آخر.

3- أن يؤمن الداعية بأن هذه الدعوة هي من أفضل الأعمال الصالحة، وما دامت كذلك فهي متعرضة لسنة الله تعالى في الابتلاء فالنبي صلى الله عليه وسلم ابتلي في شخصه، وابتلي في دعوته، لكن هذا أيضًا لا يعني أن الداعية يعرض نفسه للابتلاء، فيعمل بعشوائية، أو بأسباب تؤدي إلى ابتلائه ومحنته، لكن إذا وقع الابتلاء صحبه بالتفاؤل في حسن العاقبة.

4- من أهم مقومات التفاؤل الحق أن يخضع الداعية عمله للتقويم والمراجعة، وكذا المؤسسات تخضع برامجها لذلك فلا تصر على الأخطاء، وتستمر عليها، وتعلق النتائج بالتفاؤل.

5- من المهم في جانب التفاؤل أن يكون العمل مدروسًا دراسة نظرية وواقعية في ضوء ما سبق ذكره فلا يعني التفاؤل عدم الدراسة أو ضعف التخطيط، أو الإهمال أو التكاسل، أو العمل كيفما اتفق كما يحلو للبعض.

6 – ومن المهم أيضًا أن نفرق بين التفاؤل وهو المصحوب بعمل الأسباب وقوة الرجاء، وبين أحلام اليقظة غير الواقعية، فتكون المسألة من باب أماني العاجزين.



بحث عن بحث