بسم الله الرحمن الرحيم

 

انتبه لست صاحب الفضل

 

 

 

قال - صلى الله عليه وسلم -  ( لا يجزي ولد والداً إلا أن يجده مملوكاً فيشتريه فيعتقه )(1).

فيه الإخبار بأن الولد لا يقدر على مكافأة أبويه مهما صنع ، وليس له عليهما المنة والفضل ، فهو مشتغل طوال حياته برد جميلهما ومكافأتهما على صنيعهما معه ، قال النووي رحمه الله : أي لا يكافئه بإحسانه وقضاء حقه إلا أن يعتقه . وذلك لأن الرق يقطع لذة الحياة ، ويعيق صاحبه من القيام بأمور دينه ودنياه ، وهو مقيد لا يتحرك إلا على نحو ما يريد صاحبه ، فاستحق العتق بذلك أن يُعدّ مكافئة ومجازاة .

قال ابن العربي رحمه الله: (المعنى فيه أن الأبوين أخرجا الولد من حيز العجز إلى حيز القدرة ؛ فإنه تعالى أخرج الخلق من بطون أمهاتهم لا يقدرون على شيء ، كما لا يعلمون شيئاً ، فكفله الوالدان حتى خلق الله له القدرة والمعرفة واستقل بنفسه بعد العجز ، ومقابله أن يجد والده في عجز المِلك فيخرجه إلى قدرة الحرية)(2).

 

وهذا الحق الذي لا يُقدر على مكافئته ثابت لكل والد عرف أو ذكر الولد معروفهما أو لا ، إذ لا يبطله جحود ولا نكران ، فكل الآباء في هذا الحق سواء.

فانظر أخي القارئ/ أختي القارئة إلى والديك نظر المُمتن المأسور بالجميل، واستصغر كل ما تقدمه لهما، حتى لا يراودك العجب بالنفس، وكأنك المحسن السابق بالجميل، فيثقل عليك برهما، ويشق عليك مداراتهما، وإليك هذا الموقف الرائع لبارٍ بأمه. 

 

شهد ابن عمر رضي الله عنهما رجلاً يمنياً يطوف بالبيت، حمل أمه وراء ظهره يقول: إني لها بعيرها المذلل إن أُذعرت ركابها لم أُذعَر ثم قال: يا ابن عمر! أتراني جزيتها؟ قال: لا، ولا بزفرة واحدة(3).

 


 

(1)     أخرجه مسلم باب فضل عتق الوالد ح1510 -2/1148.

(2)     نقلاً بتصرف من إحياء السادة المتقين شرح الإحياء 7/285.

(3)     أخرجه البخاري في الأدب المفرد ( 11 ).



بحث عن بحث