الإرهاب والبُعد الجديد

 

الإرهاب ظاهرة دخيلة على هذه البلاد المباركة ، تبنتها فئة ضلت الطريق القويم وحادت عن الصراط المستقيم، وعاثت في الأرض فساداً وإفساداً، وكـان واجب على الأمة أن يكون لها كلمتها ، وأن تجتمع صفاً واحداً أمام من يريد أن يشذ عن الأمة .

لقد جاءت الحادثة الإجرامية التي تعرض لها صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن نايف، مساعد وزير الداخلية للشؤون الأمنية، ونجاته منه ولله الحمد والمنّة، لتكشف لنا مزيدا ًمن العوار الذي يسلكه أفراد هذه الفئة، بعد أن ضُيق عليهم الخناق بعمليات استباقية أفسدت مكرهم، وحرمتهم ولله الحمد مما خططوا له خيانة منهم لدينهم ووطنهم .

ويأتي هذا الحدث الجلل ليؤكد للجميع مدى الجُرم الذي انطبع في شخصية أصحاب هذه الفئة الضالة والذي تمثل فيما يلي :

1- لم يراعوا حرمة دم المسلم ، ذلك الدم الحرام ، جاء في خطبة حَجَّة الوداع قال عليه الصلاة والسلام: ((فإنّ دماءَكم وأموالَكم وأعراضَكم عليكم حرام كحرمةِ يومكم هذا، في بلدكم هذا ـ أي: البلد الحرام، أي: مكّة ـ، في شهركم هذا ـ أي: في شهر ذي الحجة ـ، ألا هل بلغت؟)) قالوا: نعم، قال: ((اللهم اشهَد، فلا ترجِعوا بعدي كفَّارًا يضرِب بعضُكم رقابَ بعض))، قال ابن عباس رضي الله عنهما: فوالذي نفسي بيده، إنها لوصيتُه لأمته: ((لا ترجِعوا بعدي كفّارًا يضرب بعضُكم رقابَ بعض)) أخرجه البخاري .

2- قابلوا صفح سمو الأمير ،و مبادراته الايجابية وسعة صدره ، وعمق تفهمه ، بالغدر والخيانة، والغدر من صفات اللئام، قال تعالى ( ولايحيق المكر السيء إلا بأهله ) .

3- عدم مراعاة حرمة شهر رمضان ، أعظم شهور العام ، والشهر الذي أنزل فيه القرآن ، والذي فيه : ( وَمَنْ يَقْتُلْ مُؤْمِنًا مُتَعَمِّدًا فَجَزَاؤُهُ جَهَنَّمُ خَالِدًا فِيهَا وَغَضِبَ اللَّهُ عَلَيْهِ وَلَعَنَهُ وَأَعَدَّ لَهُ عَذَابًا عَظِيمًا ) [النساء:93] .

4- خلعوا بأفعالهم المشينة يد البيعة ، وتعدوا على أحد رجالات الدولة ، وعلى من ولاه ولي الأمر مهمة حفظ الأمن، فحاولوا الغدر به واغتياله، فإذا كانت الطاعة واجبة فكيف بجرم التعدي والغدر، قال صلى الله عليه وسلم: ((من أطاعني فقد أطاعَ الله، ومن عصاني فقد عصَى الله، ومن أطاع الأميرَ فقد أطاعني، ومن عصَى [أميري فقد عصاني]، وإنما الإمامُ جُنَّة يتَّقى به) متفق عليه .

5- أضف على ذلك كله ، ما حصل منه من قتل نفسه ، وقد قال الله تعالى : ( وَلاَ تَقْتُلُواْ أَنفُسَكُمْ إِنَّ اللّهَ كَانَ بِكُمْ رَحِيماً{29} وَمَن يَفْعَلْ ذَلِكَ عُدْوَاناً وَظُلْماً فَسَوْفَ نُصْلِيهِ نَاراً وَكَانَ ذَلِكَ عَلَى اللّهِ يَسِيراً{30} ) [  النساء 29-30 ].

6- إن هذا المسلك الغادر يفيد لمتابع ملف الإرهاب ، أن الإرهاب لايأخذ شكلاً واحداً أو صورة واحدة ، فقد انتقل إلى مرحلة أخرى يستوجب على الجميع مسؤلين وعلماء ومفكرين وكتاب ، وأولياء أمور وغيرهم التعاون والتكاتف الذي أوجبه الله تعالى وجعله مبدأً عظيماً لقوام المجتمع ، وسلامة أفراده ، وأمنه وأمانها ( وتعاونوا على البر والتقوى ولاتعاونوا على الإثم والعدوان ) .

7- إن على الشباب خاصة أن يزيدوا من إدراك وعيهم بخطورة مثل هذه الأفعال وخطورة عواقبها، وأن يتأملوا في بعض المجتمعات التي دخلتها هذه اللغة المدمرة، ماذا آلت إليه، فعليهم أن يعضّوا بالنواجذ على دينهم وعلمائهم وقادتهم فذلك هو العاصم من القواصم بإذن الله .

إن هذه الأفعال المشينة لن تزيدنا إلا حرصاً على التكاتف والتعاضد مع أولياء أمورنا ضد هذه الفئة الضالة الباغية .

اللهم احفظ علينا ديننا وأمننا واحفظ قادتنا وولاة أمورنا وعلماءنا وشبابنا ووطننا إنه سميع مجيب.

 

                                                          أ.د.فالح بن محمد بن فالح الصغير

                                                             عضو مجلس الشورى

                                           المشرف العام على شبكة السنة النبوية وعلومها  

 

 



بحث عن بحث