ياطلاب الحديث : اقرأوا سير المحدثين

 

في تاريخنا المجيد تراث ضخم لم يكن لأمة من الأمم.

تراثٌ يعتز به المسلم , أصالةً وتنوعاً وكماً ووضوحاً.

يؤسس لقارئه منهجية لحياته.

ويعلمه حقباً من تاريخ أمته

ويطلعه على نماذج من القدوات.

ويصور له أسباب عزته.

ويبرزله مقومات حضارته.

ويوسع معارفه.

ويقوي معلوماته.

ويضيف خبرات إلى خبراته.

وينمي مداركه.

والكل يجد بغيته, فالعالم الشرعي يجد البحر الذي لا ساحل له.

والأديب يجد ما ينمي أدبه.

والشاعر يجد ما يصقل موهبته ويظهر إبداعه.

واللغوي يغوص على ما يثري مادته اللغوية.

والمؤرخ يطلعه على تاريخه ويستخرج منه العبر والخبرات.

والمعلم يجد ما يثري معلوماته.

والمربي يرى فيه ما يجدد أساليب تربيته.

وقل في غيرهم كذلك.

******************

وأخص بالذكر هنا طلاب العلم بعامة وطلاب الحديث بخاصة , فسير المحدثين من الصحابة –رضوان الله عليهم- إلى يومنا الحاضر سير مملوءة بالكنوز العظيمة, واللالئ والدرر, مما يستطيع طالب الحديث أن يلتقط منها ما شاء مما يثري ملكته الحديثية, ويطلعه على مناهج وطرائق المحدثين في تصانيفهم, وروايتهم وفي الجرح والتعديل, والتعامل مع قواعد التحديث وعلوم المصطلح , ومن ثم الوصول إلى التعامل مع السنة النبوية وفق القواعد الصحيحة والضوابط المرعية.

******************

هذا الجانب أعنى الإطلاع على مناهج المحدثين من الأهمية الكبيرة, والأثر الفاعل على طالب الحديث من وجوه عديدة , أحسب أن منها:

1- إدراك الجهد المضني والجبار الذي بذله المحدثون في جمع حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم , ومن مختلف مصادر الجمع, وأهمها ما حفظه الصحابة رضوان الله عليهم, والتابعون رحمهم الله فعلى طالب الحديث أن يحذو حذوهم ويتشبه بهم.

2- معرفة الكم الضخم مما جمع من حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم من أقواله وأفعاله, وطرائق حياته, وأخلاقه, وتعامله بعامة, مما يعين طالب الحديث على حسن الإقتداء والتأسي بالقدوة عليه الصلاة والسلام وكذا اتباع سنته عليه الصلاة والسلام واقتفائها وعدم الزيادة والنقص عليها.

3- في التعمق بالإطلاع على مناهج المحدثين وأحوالهم يدرك طالب الحديث طرائق التصنيف والجمع, مما يعين على فقه الحديث, ونقله إلى الواقع العملي ليكون منهاج حياة المسلم بعيداً عن كل انحراف.

4- ومن ذلك زيادة الإيمان وقوة اليقين بحفظ الله سبحانه وتعالى لهذا الدين الذي تكفل سبحانه بحفظه في قوله جلا وعلا :(إنا نحن نزلنا الذكر وإنا له لحافظون) , ولا شك أن مما يدخل في الذكر السنة النبوية التي هي صنو القرآن الكريم وشقيقته.

5- ومن أهم ما يفيده الإطلاع على مناهج المحدثين وسيرهم وطرائقهم أن يدرك طالب العلم, مدى حرص أعداء الإسلام ومن تبعهم من أبناء المسلمين في القدح بالسنة , ورمي الشبه عليها, وإظهارها, وترويحها، مما يفسر لطالب العلم كثيراً مما يقع في التاريخ والواقع لكي ترد هذه السنة, ويزداد اطمئنانه أن الله تعالى حافظ كتابه وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم فالشبه المعاصرة هي الشبه القديمة إلا أنها تلبس أثواباً أخرى تناسب لغة العصر ومتطلبات الواقع , وإدراك طالب العلم لهذه القضية المهمة يجعله يزداد في طلب الرسوخ العلمي, وفي السنة بخاصة فهي من أهم ما يستهدفه أعداء الاسلام, ومن ثم يزداد بذله وجهده العلمي في التبصر بها وفهمها وفقهها والدفاع عنها ليركب مركب سلفه المحدثين فيسهم ولو بالقليل, وبخاصة وقد أتيحت كثير من الوسائل و هيئت كثير من المناشط ليحقق طالب الحديث مراده في فهم السنة والدفاع عنها.

******************

- ولتبقى أخي طالب العلم على يقين مما ذكر خذ مثلاً صحيح البخاري مثلاً أو غيره وانظر ما كتبه أهل العلم قديماً وحديثاً عنه من جميع الوجوه لترى تلك الآثار العظيمة, أحسب أن الأمر لا يحتاج على مزيد إقناع وإنما هو بيان لعظم الأمر وجديته وعميق أثره.

- إضاءة: قد لاتفيد غيرك في كثير من الأعمال بقدر ما تضر نفسك فيها بالنقص فالزم طرائق القوم وتشبه بهم لتتدرج نـحو الكمال.

  

والله من وراء القصد

 



بحث عن بحث