وقفات مع ختام الشهر (التوبة، صدقة الفطر) (1-3)

الحمد لله يقبل التوبة عن عباده، ويعفو عن السيئات، غافر الذنب، قابل التوب شديد العقاب، أحمده سبحانه على سابغ فضله وجزيل نعمه، وأصلي وأسلم على النبي الأمين، وقائد الغر المحجلين، وعلى آله وأصحابه أجمعين والتابعين ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين، أما بعد:

فقد عاش المسلون في هذا الشهر المبارك، صائمين نهاره، قائمين ليله، مجتهدين في عبادته، سالكين مسالك الطاعة والقربة، متنافسين فيها، مبتعدين عن المعصية، راجين غفران الذنب وتكفير السيئات، وزيادة الحسنات ورفعة الدرجات، والعتق من النار.

حقًّا – أخي المسلم – هذه حال الموفق الصائم الذي سار في صيامه على هذا المنهج القويم والطريق المستقيم.

وكل عامل يتعب في عمله ويجتهد فيه؛ يحب أن تكون ثمرته يانعة، ونتيجته حسنة، فيفرح بها ويتطلع للمزيد من أعمال الخير والبر.

ونحن نودع الشهر العظيم، والوافد الكريم، يقف المسلم مع نفسه وقفات محاسبة وتأمل، لعل الله سبحانه قد كتبه من الذين غفرت ذنوبهم، وكفرت سيئاتهم، وأعتقت رقابهم من النار، وتقبل صيامهم وقيامهم، والله سبحانه بفضله العميم وخيراته الكثيرة شرع لنا أمورًا في ختام شهرنا وعند وداعه، والتي هي علامة على القبول والرضوان، نقف مع بعضها الوقفات الآتية:

الوقفة الأولى:

لا شكَّ أن المسلم المجتهد في العبادة والطاعة الذي لم يفرد في وقته وجهده يخشى أن يكون زلّ زلة، أو أذنب ذنبًا، أو قصّر في صيامه وقيامه، وإحسانه، ولذلك شرعَ الله سبحانه ما يقوم به من عمل يطهر به ما حصل في صيامه من نقص ولغو وإثم، وما يؤدي به شكر نعمة الله تعالى على إتمام الصيام والقيام في هذا الشهر العظيم، وما أدّاه من أعمال صالحة أخرى، وما يكون فيها مسهمًا فيه نحو إخوانه المسلمين الذين هم كالجسد الواحد إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالسهر والحمى، فيشارك الفقراء إخوانهم الأغنياء، ويكفوا عن المسألة في ذلك اليوم السعيد، وليظهر الجميع فرحهم وغبطتهم على ذلك التعاون الفريد بين مختلف فئات المسلمين؛ أغنياء وفقراء، محتاجين ومعوزين، ومسددي الحال.

تلكم – أيها المسلمون الكرام – ما شرعه الله سبحانه من صدقة الفطر، ففيها من الحِكَم والأسرار مما ذكر ومما لم يذكر ما لا يعلمه إلَّا الله سبحانه وتعالى، روى أبوداود وغيره عن ابن عباس  رضي الله عنه قال: «فرض رسول الله ﷺ زكاة الفطر طهرة للصائم من اللغو والرفث، وطعمة للمساكين، فمن أداها قبل الصلاة فهي زكاة مقبولة، ومن أداها بعد الصلاة فهي صدقة من الصدقات«(1).

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(1) رواه أبوداود (1/505)، برقم(1609) في الزكاة، باب زكاة الفطر، وابن ماجه (1/585)، برقم(1827) في الزكاة، باب صدقة الفطر. 



بحث عن بحث