التكبير يوم عرفة(4)

 

صيغة التكبير:

من أصح ما ورد في صيغة التكبير ما أخرجه عبد الرزاق بسند صحيح عن سلمان قال: (كبروا الله؛ الله أكبر، الله أكبر، الله أكبر كبيرا)([1]).

وكان عبد الله بن مسعود يقول: (الله أكبر، الله أكبر، لا إله إلا الله، والله أكبر، الله أكبر، ولله الحمد)([2]).

 

قال الإمام ابن قدامة رحمه الله: ( وهذا قول: عمر، وعلي، وابن مسعود، وبه قال الثوري، وأبو حنيفة، وأحمد، وإسحاق، وابن المبارك إلا أنه زاد: على ما هدانا، لقوله تعالى:﴿ولتكملوا العدة ولتكبروا الله على ما هداكم﴾ ([3]) ([4]).  

 

قال الشيخ ابن عثيمين: صفة التكبير فيها ثلاثة أقوال لأهل العلم:

الأول: أنه شفع؛ " الله أكبر، الله أكبر، لا إله إلا الله، والله أكبر، الله أكبر، ولله الحمد".

 

الثاني: أنه وتر؛ " الله أكبر، الله أكبر، الله أكبر، لا إله إلا الله، والله أكبر، الله أكبر، الله أكبر، ولله الحمد".

 

الثالث: أنه وتر في الأولى، شفع في الثانية؛ " الله أكبر، الله أكبر، الله أكبر، لا إله إلا الله، والله أكبر، الله أكبر، ولله الحمد".

 

قال الشيخ ابن عثيمين: (والمسألة ليس فيها نص يفصل بين المتنازعين من أهل العلم، وإذا كان كذلك فالأمر فيه سعة، إن شئت فكبر شفعا، وإن شئت فكبر وترا، وإن شئت وترا في الأولى وشفعا في الثانية) ([5]).

 

قال الإمام الصنعاني: ( وفي الشرح صفات كثيرة عن عدة من الأئمة، وهو يدل على التوسعة في هذا الأمر؛ وإطلاق الآية يقتضيه)([6]) .

 

مسألة: الجهر بالتكبير؟ اختلف أهل العلم في مشروعية الجهر بالتكبير على قولين:

الأول: رفع الصوت بالتكبير بدعة إلا في موضع ثبت بالشرع، ذهب إليه الحنفية([7]).

 

 

واستدلوا بعدة أدلة وهي:

الأول: لأنه لم يثبت نص ولا إجماع بالجهر بالتكبير إلا عقيب المكتوبات([8]).

 

الثاني: لقول علي رضي الله عنه: (لا جمعة ولا تشريق ولا فطر ولا أضحى إلا في مصر جامع). والمراد بالتشريق: هو رفع الصوت بالتكبير هكذا قال النضر بن شميل وهو من رجال اللغة فيجب تصديقه، والتكبير نفسه إظهار لكبرياء الله وهو من شعائر الإسلام، وما هذا سبيله لا يشرع إلا في موضع يشتهر فيه وهو المصر الجامع([9]).

 

الثالث: لأن التكبير ذكر والسنة في الأذكار المخافته، لقوله تعالى: ﴿ادعوا ربكم تضرعا وخفية﴾([10]) ولقولهr:" خير الدعاء الخفي"ولذا هو أقرب إلى التضرع والأدب وأبعد عن الرياء، فلا يترك هذا الأصل إلا عند قيام الدليل المخصص([11]).

 

القول الثاني: يشرع الجهر بالتكبير، وذهب على هذا الجمهور ([12]).

 

 

واستدلوا بما يلي:

الأول: ما روي أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يخرج في العيدين رافعا صوته بالتهليل والتكبير([13]). لأنه إذا رفع صوته سمع من لم يكبر فيكبر.

الثاني: فعل الصحابة y فقد كانوا يجهرون بالتكبير في هذه الأيام المباركة.  

 

قال الإمام البخاري رحمه الله: (وكان ابن عمر وأبو هريرة يخرجان إلى السوق في أيام العشر يكبران ويكبر الناس بتكبيرهما)([14]) ، وقال: ( وكان عمر رضي الله عنه يكبر في قبته بمنى فيسمعه أهل المسجد فيكبرون ويكبر أهل الأسواق حتى ترتج منى تكبيرا)([15]). وعن نافع عن ابن عمر أنه كان إذا غدا إلى المصلى يوم العيد كبر فرفع صوته بالتكبير([16]).

 

 

ويترجح لي ما قال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله: (السنة أن يجهر به إظهارا للشعيرة، لكن النساء يكبرن سرا إلا إذا لم يكن حولهن رجال فلا حرج في الجهر.)([17]).


([1]) ذكره ابن حجر في فتح الباري (2-462) وأخرجه البيهقي في السنن الكبرى (3-316) بلفظ "كبروا: الله أكبر، الله أكبر كبيرا" .

([2]) مصنف ابن أبي شيبة (2-168) قال العلامة الألباني في إرواء الغليل (3-125): وإسناده صحيح.

([3]) سورة البقرة آية (185)

(([4] المغني (3-290)

([5]) انظر الشرح الممتع (5-169،171)

([6]) سبل السلام (3-247).

([7]) انظر بدائع الصنائع (1-196)، الهداية (1-87).

([8]) بدائع الصنائع (1-196).

([9]) المرجع السابق.

([10]) سورة الأعراف آية (55).

(([11] بدائع الصنائع (1-196).

([12]) المدونة الكبرى (1-168)، المجموع (5-38)، الإنصاف(2-435)،منار السبيل (1-149)، مجموع الفتاوى (24-220)، الموسوعة الفقهية (16-).

([13]) رواه البيهقي (3-279) من رواية عمر وضعفه قال وإنما هو محفوظ عن ابن عمر موقوف رواه نافع عنه

([14]) رواه البخاري (1-329) ك:العيدين ب:التبكير إلى العيد..

([15]) رواه البخاري (1-330) ك:العيدين ب:التكبير أيام منى وإذا غدا إلى عرفة.

([16]) سنن الدارقطني (2-45) رواه البيهقي (3-279) من رواية عمر وضعفه، قال ابن حجر في الدراية في تخريج أحاديث الهداية (1-219) " قال البيهقي: روى مرفوعا وهو ضعيف والصحيح وقفة والمرفوع أخرجه الدارقطني بإسناد واه جدا "

([17]) الشرح الممتع (5-158)



بحث عن بحث