جوائز الاجتماع على تلاوة القرآن

 ( 1-2 )

حث الرسول صلى الله عليه وسلم على الاجتماع للتلاوة:

لقد حث رسول الله صلى الله عليه وسلم أمته على الاجتماع لتلاوة القرآن الكريم وتعلمه ومدارسته ، وبخاصة إذا كان ذلك في المسجد الذي هو مهوى أفئدة المؤمنين .

أخرج الإمام مسلم في صحيحه بسنده من حديث أبي هريرة رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : «وَمَا اجْتَمَعَ قَوْمٌ فِى بَيْتٍ مِنْ بُيُوتِ اللَّهِ ،يَتْلُونَ كِتَابَ اللَّهِ ،وَيَتَدَارَسُونَهُ بَيْنَهُمْ، إِلاَّ نَزَلَتْ عَلَيْهِمُ السَّكِينَةُ ،وَغَشِيَتْهُمُ الرَّحْمَةُ ، وَحَفَّتْهُمُ الْمَلاَئِكَةُ ،وَذَكَرَهُمُ اللَّهُ فِي مَنْ عِنْدَهُ»(1)

و عَنْ الْأَغَرِّ أَبِي مُسْلِمٍ أَنَّهُ قَالَ أَشْهَدُ عَلَى أَبِي هُرَيْرَةَ وَأَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ - رضي الله عنه - أَنَّهُمَا شَهِدَا عَلَى النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - «أَنَّهُ قَالَ لَا يَقْعُدُ قَوْمٌ يَذْكُرُونَ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ إِلَّا حَفَّتْهُمْ الْمَلَائِكَةُ وَغَشِيَتْهُمْ الرَّحْمَةُ وَنَزَلَتْ عَلَيْهِمْ السَّكِينَةُ وَذَكَرَهُمْ اللَّهُ فِيمَنْ عِنْدَهُ»(2)

هذا الحديث من أعظم البشارات التي يبشر بها النبي صلى الله عليه وسلم المجتمعين لتلاوة القرآن وتدارسه .

و يلاحظ في هذا الحديث أن ترغيب الرسول صلى الله عليه وسلم للمؤمنين في اكتساب العلم مقترن بالثواب يوم القيامة وليس بثواب دنيوي رغم أن العلم قد يدر على صاحبه مكانة دنيوية أو أجرا ماديا ولكن أقصى درجات الرفعة والمنزلة والثواب هي أن يذكر الله تعالى العبد كما قال {فَاذْكُرُونِي أَذْكُرْكُمْ} . لأن تلاوة كتاب الله ذكر لله تعالى والله يذكر من يذكره .

إن الثواب والعقاب غالبا ما يكون من جنس العمل ، فمن يسلك طريق العلم يسهل الله له الطريق إلى الجنة ، ومن يذكر الله بتلاوة كتابه يذكره الله ، ومن يذكر الله في ملأ يذكره الله في ملأ خير من ملأه ، ومن يغفل عن الله تعالى لا يأبه الله تعالى به .

وإن تدارس القرآن منار لاستلهام كل العلوم الشرعية ، فقد روي عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه قال : "من أراد العلم فليثوِّر القرآن فإن فيه علم الأولين والآخرين"(3)

وقوله -صلى الله عليه وسلم- في هذا الحديث الشريف "وما اجتمع قوم في بيت من بيوت الله " ليس البيت قيدا؛ بدلالة رواية مسلم الأخرى: "لا يقعد قوم يذكرون الله -عز وجل- إلا حفَّتهم الملائكة…" فإذا اجتمعوا في مكان آخر غير المسجد كان لهم هذا الفضل أيضا، فالتقييد ببيت الله خرج مخرج الغالب، فلا مفهوم له، فالاجتماع للتلاوة، والمدارسة للتفقه في آيات الله، وما دلت عليه من أحكام وعبر في أي مكان يترتب عليه هذا الفضل، وإن كان الاجتماع للتلاوة والمدارسة في المسجد أفضل من الاجتماع في أي مكان آخر؛ لِما في المسجد من مزايا وخصائص ليست في غيره.

فالمساجد في الإسلام: هي بيوت العبادة ، وهي بيوت العلم، وهي بيوت الذكر ، فيها كانت تعقد حلقات العلم ، وفيها كانت تقرر عظائم الأمور، ومنها تعقد رايات الجهاد، وفيها يتم إنصاف المظلومين، ومنها توزع الزكاة وتسير منها ركائب الحجيج ، وتضاعف صلاة الفريضة فيها ، ويتضاعف ثواب المعلمين والمتعلمين فيها ، كما يتضاعف ثواب الذاكرين الله كثير والذاكرات

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(1) أخرجه مسلم ، كتاب الذكر والدعاء ..، باب فضل الاجتماع على تلاوة القرآن .. ( 2699 ).

(2)ـ أخرجه مسلم ، كتاب الذكر والدعاء .. ، الباب السابق ( 2700 ).

(3) هذا القرآن في مائة حديث ص14 .



بحث عن بحث