قصة الأعرابي الذي أراد قتل النبي صلى الله عليه وسلم

 

عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ - رضي الله عنهما - قَالَ غَزَوْنَا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- غَزْوَةً قِبَلَ نَجْدٍ فَأَدْرَكَنَا رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- في وَادٍ كَثِيرِ الْعِضَاه فَنَزَلَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- تَحْتَ شَجَرَةٍ فَعَلَّقَ سَيْفَهُ بِغُصْنٍ مِنْ أَغْصَانِهَا - قَالَ - وَتَفَرَّقَ النَّاسُ في الوادي يَسْتَظِلُّونَ بِالشَّجَرِ - قَالَ - فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم-: « إِنَّ رَجُلاً أتاني وَأَنَا نَائِم،ٌ فَأَخَذَ السَّيْفَ، فَاسْتَيْقَظْتُ وَهُوَ قَائِمٌ عَلَى رَأْسِي، فَلَمْ أَشْعُرْ إِلاَّ وَالسَّيْفُ صَلْتًا في يَدِهِ، فَقَالَ لي: مَنْ يَمْنَعُكَ مِنِّي؟ قَالَ: قُلْتُ: اللَّهُ. ثُمَّ قَالَ في الثَّانِيَةِ: مَنْ يَمْنَعُكَ مِنِّي؟ قَالَ: قُلْتُ: اللَّهُ. قَالَ فَشَامَ السَّيْفَ فَهَا هُوَ ذَا جَالِسٌ ». ثُمَّ لَمْ يَعْرِضْ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم- (1).

 

وفي مسند الإمام أحمد:

فَقَالَ الرجل للنبي - صلى الله عليه وسلم-: مَنْ يَمْنَعُكَ مِنِّي؟ قَالَ «اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ ». فَسَقَطَ السَّيْفُ مِنْ يَدِه،ِ فَأَخَذَهُ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم- فَقَالَ: « مَنْ يَمْنَعُكَ مِنِّي؟». قَالَ: كُنْ كَخَيْرِ آخِذٍ. قَالَ: «أَتَشْهَدُ أَنْ لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللَّهُ ». قَالَ: لاَ، وَلَكِنِّى أُعَاهِدُكَ أَنْ لاَ أُقَاتِلَكَ، وَلاَ أَكُونَ مَعَ قَوْمٍ يُقَاتِلُونَكَ. فَخَلَّى سَبِيلَهُ - قَالَ-: فَذَهَبَ إِلَى أَصْحَابِهِ، قَالَ: قَدْ جِئْتُكُمْ مِنْ عِنْدِ خَيْرِ النَّاسِ (2).

 

شرح المفردات (3):

( فأدركتهم القائلة ) أي: وسط النهار وشدة الحر .

( كثير العضاه ) كل شجر يعظم له شوك، الواحدة عِضَة، وقيل هو العظيم من السمر مطلقاً.

( وهو في يده صلتا ) أي: مجرداً عن غمده .

(فشام السيف) أي: أغمده.

 

من فوائد الحديث(4):

1- شجاعة النبي - صلى الله عليه وسلم- وثباته، ورباطة جأشه،  حتى هابه الأعرابي والسيف في يده، وليس مع النبي - صلى الله عليه وسلم- شيء يدافع به عن نفسه.

2-كمال خلقه - صلى الله عليه وسلم-، فقد عفا عن الرجل ولم يعاقبه، مع استحقاقه لذلك.

3- فضل الصحابة - رضي الله عنهم-، وكمال محبتهم وتوقيرهم للنبي - صلى الله عليه وسلم-، فقد جاء في بعض روايات الحديث: " فإذا أتينا على شجرة ظليلة تركناها للنبي - صلى الله عليه وسلم-".

4- فضيلة العفو، وما يحصل به من تأليف القلوب، وإزالة العداوة، بل وقلبها إلى محبة، وقد ذكر بعض أهل السير كابن إسحاق والواقدي أن الرجل أسلم، وأنه رجع إلى قومه فاهتدى به خلق كثير، وقد قال الله تعالى: { وَلا تَسْتَوِي الْـحَسَنَةُ وَلا السَّيِّئَةُ ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ فَإذَا الَّذِي بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ عَدَاوَةٌ كَأَنَّهُ وَلِيٌّ حَمِيمٌ * وَمَا يُلَقَّاهَا إلاَّ الَّذِينَ صَبَرُوا وَمَا يُلَقَّاهَا إلاَّ ذُو حَظٍّ عَظِيمٍ}(5).

5- على المسلم أن يتأسى بالنبي - صلى الله عليه وسلم- فيعف عمن أساء إليه، ويصبر على ما قد يناله من أذى من إخوانه المسلمين، فإنهم أولى بالعفو والصفح من الكافر.

 

 


(1) - صحيح البخاري، رقم (2910)، وصحيح مسلم، رقم (6090)، واللفظ له.

(2) - مسند الإمام أحمد - (31 / 348) رقم (15314) .

(3) - النووي، شرح صحيح مسلم (7/482) فتح الباري - ابن حجر - (7 / 427).

(4) - انظر: فتح الباري - ابن حجر - (7 / 427).

(5) - فصلت: 34 - 35.

 

 



بحث عن بحث