طرق التحمل والأداء(1)

 

 

التحديث له طرفان تحمل وأداء:

فالتحمل: هو أخذ الحديث عن الشيخ بطريق من طرق التحمل.

أما الأداء: فهو رواية الحديث وتبليغه.

ولأخذ الحديث وتبليغه لا بد من توفر الأهلية، والمقصود بها عند علماء الحديث: صلاحية المرء لسماع الحديث وتلقيه وتحمله، وصلاحيته لروايته وتبليغه وأداءه .

ومن ثم كانت أهلية الراوي: أهلية تحمل، وأهلية أداء، ولكل واحدة منهما شروط  وللتحمل ثمان طرق هي:

1- السماع من لفظ الشيخ. 2- القراءة على الشيخ، وتسمى العرض.

3- الإجازة. 4- المناولة. 5- المكاتبة. 6- الوصية. 7- الإعلام. 8 – الوجادة.

   ويصح تحمل الحديث قبل وجود الأهلية فتقبل رواية من تحمّل حال الكفر قبل إسلامه وروى بعده، وكذلك تقبّل رواية من سمع قبل البلوغ وروى بعده، ومنع قوم تحمل الصبي فأخطأوا؛ لأن الناس قبلوا رواية أحداث الصحابة كالحسن وابن عباس وابن الزبير وأشباههم من غير فرق بين ما تحمّلوه قبل البلوغ وبعده. ولم يزالوا قديماً وحديثاً  يحضرون الصبيان مجالس التحديث والسماع ويعتدون بروايتهم لذلك.

واختلفوا في أول زمان يصح فيه سماع الصغير:

فحدّد الجمهور في ذلك خمس السنين لأقله لحديث محمود بن الربيع أنه قال: عَقَلتُ من النبي صلى الله عليه وسلم مَجَّةً مَجَّها في وجهي وأنا ابن خمس سنين منْ دلوٍ. وترجم عليه الإمام البخاري في صحيحه: " متى يصح سماع الصغير "(1).

   قال ابن الصلاح: التحديد بخمس هو الذي استقر عليه عمل أهل الحديث المتأخرين فيكتبون لابن خمس فصاعداً سمع، ولمن لم يبلغ خمساً حضر أو أحضر. قال: والذي ينبغي في ذلك أن يعتبر في كل صغير على الخصوص، فإن وجدناه مرتفعاً عن حال من لا يعقل فهماً للخطاب ورداً للجواب ونحو ذلك صححنا سماعه وإن كان دون خمس، وإن لم يكن كذلك لم نصحح سماعه وإن كان ابن خمس بل ابن خمسين(2).

والحاصل أن مرد ذلك إلى التمييز، فإن كان مميزاً يفهم الخطاب ويرد الجواب صح سماعه وإلا فلا.

ومثله الإسلام يشترط حال الأداء، لا حال التحمل؛ فإنْ تحمل حال كفره ثم أدَّى بعد إسلامه قُبِلَتْ روايته بالاتفاق.
قال الذهبي – رحمه الله:

لا تُشتَرَطُ العدالةُ حالةَ التحمُّل، بل حالةَ الأداء؛ فيَصِحُّ سماعُهُ كافرًا، وفاجرًا، وصَبيًّا. فقد رَوَى جُبَير بن مُطْعِم - رضي الله عنه - أنه سَمِعَ النبيَّ - صلى الله عليه وسلم - يقرأ في المغرب بـ (والطُّوْر)(3)، فسَمِعَ ذلك حالَ شِرْكِه، ورَوَاه مُؤْمِنًا.(4)

وأما الأداء فلا يصح إلا بعد توافر شروط القبول من العدالة والضبط كما تقدم في مبحث الصحيح.


(1) البخاري ، كتاب العلم رقم 77 .

(2) علوم الحديث ص 117 .

(3) رواه البخاري (765)، ومسلم (436)

(4) الموقظة ص61



 



بحث عن بحث